لماذا اكره الولولة ؟

بقلم : ايهاب عمر ... بدأ الامر بملاحظة سجلتها ابان 25 يناير ، ان 99.99 % ممن ملئوا الدنيا صراخا ً و تهييجا ً و معارضة للنظام لم ينزل ، بل و بعضهم سخر من دعوات النزول يوم 25 يناير ، و لكن تلك الملاحظة لم تأخذ حقها من الدراسة و الاستقصاء لان ميادين الاحداث التى جرت كانت متشعبة و اوسع من الرصد .. و فى اكثر من محافظة ..
و رغم ذلك كان واضحا ً بالنسبة لى الكثير و الكثير جدا من الاسماء التى عارضت نظام مبارك كانت فى بيتها خلال ثورة يناير ، بل بعضهم سجل مداخلات تلفزيونية من بيته باعتباره معتصما ً فى الميدان ، و بعضهم لاحقا ً كتب مؤلفات عن الثورة التى تابعها من فراشه !
و لكن الملاحظة تلك اصبحت علامة فاصلة فى اهتمامي بالشأن السياسي المصرى خلال موقعة محمد محمود نوفمبر 2011 ، ذلك لان الفترة ما بين تنحي مبارك و اشتعال الاشتباكات شهدت تهييج متواصل من اسماء صحفية و سياسية بعينها ، و من نشطاء السياسة و وسائل التواصل الاجتماعي ، ثم اتت ساعة الجد ، فتوقعت ان ارى هؤلاء فى الميدان و فى شارع محمد محمود ، يحشدون الناس و ينظمون الفعل الثورى الذى طالما نادوا به طيلة التسعة شهور ..
هنا لاحظت امر بالغ الغرابة .. شباب النخبة و شباب الفيس بوك لم ينزل بنسبة 99.99 % ، بل استمروا فى الولولة على الفيس و فى مقالاتهم ، كنت اقول لنفسي عقب كل يوم اعود فيه الى المنزل منهك القوى مثخن الجراح و قد تلقيت بعضا من الخرطوش العزيز لكى انام قليلا انه ما الفائدة فى ان يكون شخص قادر على النزول و مع ذلك يجلس فى بيته او مكتبه يولول رقميا ً على ما يجرى ..
ادركت ان هنالك لعبة نفسية طريفة للغاية جارية ، الكاتب او الشاب يولول ، و من خلفه او حتى امامه جحافل اكونتات الفيس و تويتر ، و لكن وقت الجد هؤلاء المتأوهين سوف يجلسون فى بيوتهم لكى يكملوا وحوحة لا اكثر و لا اقل ..
اثناء احدثا محمد محمود صنعوا فى منتصف الاسبوع مليونية لتأييد ثوار شارع عيون الحرية ، اتى المولولون لكى يلتقوا الصور التذكارية على جنبات الميدان ، و قضوا اوقاتا ً سعيدة بينما الاشتباكات جارية فى الشارع ، ثم رحلوا مع بدء غروب الشمس .. و حتى اليوم لم افهم هذا السلوك ، اريدك ان تكون معي لا ان تتاجر بى على الفيس و تويتر تماما كما يفعل الاسلاميين او حتى الدولة فى بعض الاحيان ..
هكذا ادركت اللعبة القذرة .. هؤلاء الذين ينبحون على الفيس و تويتر عقب كل جولة يسقط فيها من يسقط .. لا يفعلون اى شئ الا النباح فحسب .. وقت الجد هم فى بيوتهم ، و الطريف انهم يكملون اللعبة بمهارة ، كل مرة بنفس الاسلوب ، كل مرة يصرخون و لا ينزلون و حينما ياتي يوم النزول الكبير لا تجدهم قط ..
لذا لم اعتبر العواء على الفيس بوك و تويتر يشكل اى علامة تذكر فىما يتعلق بالرأى العام ، و اصبح الراى العام و نبض الشارع المصرى بالنسبة لى هو جلسة فى ميكروباص من ميدان المؤسسة لميدان التحرير ، تجد الامور اكثر واقعية من المتاجرين بالالام الناس و صور القتلى على الفضاء الرقمي ..
الى اليوم اتذكر هؤلاء المولولون الذين تركوا الناس فى الشوارع فى يناير و فبراير و نوفمبر و غيرها ، يظنون انفسهم ثوار ، و يدعون الحجج تلو الاخرى امام انفسهم لكى يبرروا عدم وجودهم فى الصفوف الامامية وقت الجد ..
اعتدت عقب هذه المرحلة الا اتحدث عن فعل الا اذا كنت سوف اشارك فيه ، غير ذلك اخرس تماما ..
و اعتدت ايضا ان اغضب بشدة على هؤلاء الكلاب التى تنبح كل مرة ، و التى اعرف عن تجربة واضحة و صريحة وتاريخية انهم .. كتاب و صحفيين و نشطاء و افراد عاديين مجرد كلاب تنبح فى الفضاء الرقمي لا اكثر و لا اقل .. 99.99 % منهم حتى لا اظلم الجميع
يكتبون مؤلفات عن ثورة لم يشاركوا فيها ، و يستجدون استكمال ثورة تابعهوها من فراشهم ، و يهددون بثورة تكمل تلك التى عاشوها افتراضيا ً فحسب ، و المطلوب الا نفضحهم و الا نتحدث عن تشوههم النفسي و الجنسي ، و الا اصبحنا عبيد بيادة و فلول و لا نرحم القتلى – اللى بالمناسبة عمرى ما جبت سيرتهم الا الاشكال الاخوانية لاسباب وطنية بحتة – و لا اهاليهم .. اسطوانات
الناس عايزك تبقا مريض نفسي زيهم .. و تبقا مجرد نسخة منهم .. و كل نفر فيهم فاكر انه عشان يبقا مثقف و كاتب و لا ناشط سياسي و لا حتى متهم بالسياسة لازم يبقا معارض ، و لازم يبقا مأفور و مهيبر و هرموناته طافحة على السياسة ..
المشكلة الاكبر انه فيه ناس فهمت اللعبة و رفضاها بس بتلعبها عشان مبيعات كتبها ، عشان شعبية اللايك و الكومنت و الفولو ، عشان تحافظ على 5000 صديق على اكونت الفيس ، و انا اسف جدا انا من زمان مقرر ملعبش معاكم اللعبة دي .. قارئ عاقل يقنعي و اقنعه و يبقا صحبي مش ارسم عليه رسمة الكاتب الكبير و الحوارات دي خير من 40 الف متابع مريض نفسي .. و تصدر قوائم الاعلى مبيعا مش هدفى رغم انها حصلت كذا مرة فى اكثر من مناسبة برا و جوا مصر .. لاني اتعلمت ان الصادق مع نفسه بيفضل باق و الهزل يذهب الى حاله مهما كان للهزل بريق فى اعين الهواة ..
الخلاصة .. ولول زي ما انتا عايز .. بس حقيقتك معروفة بالنسبة لى ،، عارى تماما امام امثالى ، و تدثرت فى فراشك وقت الجد معروف امام محكمة التاريخ ، و كلنا عارفين ان الحدوتة كلها شلة و لازم نهيبر على بعض عشان نكمل طقوس اجتماعية شكلية تداروا بيها علاقات متفككة منحطة لا اكثر ولا اقل