قيادة السوق : قصة إنهيار نوكيا و نجاح أبل و سامسونج

بقلم مصطفي بدر : منذ فقط 10 سنوات كانت شركة نوكيا الفندلندية هى أكبر شركة هواتف محمولة فى العالم, مبيعات بعشرات المليارات من الدولارات و صاف أرباح مليارات الدولارات تزيد سنويا, كتب أحد المحللين يومها أن نوكيا اقوى من كل المنافسين و لا يوجد أمل للمنافسين لأن نظام تشغيل نوكيا سهل جدا و مئات الملايين من البشر فى العالم متعودين على جهاز نوكيا و لن يبدلوة بجهاز أخر إلا من نوكيا نفسها.


فقط منذ حوالى 7 سنوات عاد ستيف جوب إلى شركة ابل و بدأ فى إنتاج الأى فون كجهاز محمول لا يهم نظام التشغيل و لكن الجهاز يعمل بالمس و شاشة اكبر و بعض خصائص اخرى كلها تعتمد على مطورين برامج من خارج ابل نفسها, كان نجاح الأى فون كاسح و لكن فقط فى أمريكا و لم يسب الأمر أى قلق لنوكيا, فشركات مثل أبل و سامسونج هم اطفال مقارنة بنوكيا و لا خوف منهم.

لكن بدأت بعض الشركات الأخرى تفكر فى تطوير أفكار مثل أبل و تضيف عليها, تصادف ايضا إنطلاق ضخم لجوجل و فاس بوك و بقية مواقع التواصل الإجتماعى و إزدياد إحتياج مستعملى الموبيل للدخول على الإنترنت فترات اطول, تطورت التغيرات و اصبح هناك توجة من شركات البرمجيات و تصنيع المحمول و مقدمى خدمات الإتصال للتعامل مع مححمول أكثر ذكائا و تطورا.

نوكيا لم ترى فى هذا التوجة أى تهديد لها, فهذا التليفون الذكى ليس تكنولوجيا معقدة و فى كافة الأحوال فتليفونات نوكيا الجديدة كلها تسمح لك بالدخول على الإنترنت, لذا قررت نوكيا أن يكون تركيزها أكثر على تصنيع التليفون الرخيص, تليفون ب70 دولار فقط و يناسب مليار و نصف مستهلك فى الصين و الهند و افريقيا, كان قرار ذكيا من نوكيا فهى بهذا ستضيف مئات الملايين من العملاء الجدد.

نجحت نوكيا و أنتجت التليفون الرخيص و لكن شباب و مراهقين العالم كانو يهيمون عشقا بالتليفون الذكى القادم من ابل و سامسونج و جوجل نفسها, نعم باعت نوكيا مئات الملايين من الاجهزة رخيصة السعر و لكن التليفون الجديد من سامسونج ربحيتة كانت تساوى 10 أجهزة من الرخيص الذى تبيعة نوكيا.

ليس هذا فقط و لكن زيادة الطلب على الأجهزة الذكية جعل إنتاجها يتضاعف و لذا رخص سعرها, اصبح هناك جهاز محمول ذكى بسعر 200 دولار, الفقراء فى الهند و الصين و افريقيا بدأو يهتمو اكثر بالتليفون الذكى مع إنتشار الإنترنت و كانت أجهزة نوكيا اقل جاذبية و تطورا من المنافسين.

بدأت أرباح نوكيا تقل و يحدث تدهور فيها لأول مرة منذ 20 سنة, فى 2013 سهم نوكيا يفقد كثيرا من قيمتة السوقية و شركة ميكروسوفت تشترية ب4.5 مليار دولار فقط و هو المقيم فى يوم ما ب 25 مليار دولار, وصل تدهور الحال بنوكيا أن بلد مثل السعودية اصبحت نوكيا تقريبا غير موجودة فيها و إستحوذت سامسونج و ابل على هذا السوق الأغنى فى الشرق الأوسط..

الوضع ده بيفكرنى بتعاقب الحضارات الكبرى خلف بعضها البعض دول كبرى تنهار تخلفها دول اخرى وهكذا سنة الحياه
بالمناسبة كل الشركات الكبرى ليها دورة حياة تبدا صغيرة ثم تكبر وتتوسع ويتضاعف سعرها ثم تصل لدرجة التشبع في السوق ثم ياتي منافس صغير من الخلف بفكرة جديدة يقضي بيها على الديناصور العجوز و سيأتى يوم تنهار فيه ابل وسامسونج اكيد.

 قيادة السوق...حينما تقود السوق بالابداع والتطوير تستطيع ان توجه السوق والناس في التجاه الذي يجعلك تنجح ويكون عندك افضلية في الربح والبيع ....اما اذا فقدت قيادة فبالتاكيد ستخسر كل شئ تقريبا ....بالاضافة ان الشركات المرتبطة بتكنولوجيا سريعة مثل الالكترونيات وانظمة المعلومات ..يكون صعودها ونزولها دائما سريع ...عكس شركات ذات الاصول الضخمة في قطاعات التطور فيها بطئ مثل الطاقة مثلا صعودها وهبوطها يكون بطئ ... تكون مستقرة لفترات طويلة ..... الاستثناء الوحيد كان شركة انرون للطاقة ومعروف لماذا ....


علي الهامش :  تحرك مايكروسوفت لشراء نوكيا كان تحركا ذكيا الا انه كان متاخرا, فعملاق التكنولوجيا لم يلقي بالا لكل من الاندرويد الخاص بجوجل وال اي او اس الخاص بأبل ظنا منه ان ويندوز فون "نظام تشغيله الخاص بالهواتف الذكية" سينتصر
الا انه ادرك اخيرا انه اذا كننت تنتج نظام تشغيل خاص بك فيجب عليك - في عالم الهواتف تحديدا - اني يكون لك شركة هواتفك الخاصة , واتجاهه الى نوكيا وسع قاعدة الويندوز فون في السوق العالمي الا ان فرصته ما تزال ضعيفة اما عملاق مثل جوجل اندرويد نجح فرض نفسه على كافة الهواتف الذكية من البداية , الفكرة ان جوجل اندرويد نظام تشغيل مبني على لينوكس مفتوح المصدر (open source) , كما انه يمكن تطويره وتعديله حسب حاجة المنتج (Customized ) وتدعمه جوجل بقوة
هذا ما وفر له الانتشار الواسع النطاق حيث ان اي منتج هواتف ذكية يمكنه استخدامه .
اما ويندوز فهو مثل ابل او اس , فهو مقصور في تطويره على مايكروسوفت , وهو ما يبقيه في ذيل القائمة مالم تتمكن مايكروسوفت من ادخال تطويرات وتعديلات عليه بسرعه عمل جوجل لنظام تشغيلها , وهذا ليس بخط مايكروسوفت الحالي حيث انها حتى الان متزامنة بين انظمة تشغيلها كلها الى حد ما , بمعنى انها يجب ان تفصله بالكليه عن اي نظام تشغيل لها من ناحية الشكل والاستعمال ....الخ وهو ما اخرها لسنوات بيضاف الى ان جوجل دخلت سوق الهواتف الذكية بقوة مبكرا قبل ان تفيق مايكروسوفت وتكتش ان طريقة تعاملها مع انظمة تشغيل الهواتف يجب ان تختلف عن طريقة تعاملها مع انظمة تشغيل الحاسبات والخوادم (Servers) .... وهو ما اعطى جوجل قفزة قوية الى الامام من باب "الي سبق اكل النبق"