سيبقى السؤال : إذا لم يترشح عبدالفتاح السيسي لرئاسة مصر ، فمن؟!

بقلم : أحمد فهمي ,,, الحقيقة أن السيسي اصبح في مرتبة "البطل الشعبي" في نظر الكثير جداً من المصريين. وهذا شئ افتقدوه بلا شك منذ الخمسينات والستينات وبدايات السبعينات والحقيقة أنه لو ترشح لرئاسة الجمهورية سيفوز بلا شك في انتخابات حرة ونزيهة، وربما من الجولة الأولى دون إعادة!

ولكن الحقيقة أيضاً أنه لن يترشح للرئاسة - في تقديري - ليس فقط لكي لا يُقال أن 30 يونيو انقلاب، فقد لا يُقال ذلك - بقوة على الأقل - إذا فاز الرجل في انتخابات تحت رقابة دولية وقضائية، ولكن لأسباب أخرى أهم!

أهمها أن السيسي، وإن قام بدور البطل الشعبي، فهو في الحقيقة ليس "عرض رجل واحد" وإن بدا للبعض ذلك أحياناً بسبب الانسياق للتحليل وفق ظواهر الامور وليس مضامينها! السيسي تعبير - مناسب في لحظة عصيبة - عن توازن دقيق داخل أجهزة الدولة وبينها وبين قوى أخرى كالقضاء والإعلام ورجال الأعمال وبعض القوى السياسية! ووضع السيسي تحديداً في صدارة المشهد كرئيس للجمهورية بعد كل هذه الأحداث العاصفة التي ارتبط بها اسمه الشخصي يعرض هذا التوازن - الجديد - لخطر الاهتزاز بلا مبرر حقيقي خاصة وأن الجميع يعرف أن مصر على أبواب اتخاذ قرارات صعبة تخص الوضع الاقتصادي والاجتماعي وتفرض نفسها على أياً من كان في الحكم.

على كل حال لا مجال للإسهاب في فرضية عدم ترشح السيسي خاصة أنه نفاها بنفسه أكثر من مرة.. حتى الآن!

سيبقى السؤال إذن، إذا لم يكن السيسي، فمن؟!

والحقيقة أنه لا يمكن "خلق" مرشح من الفراغ فجأة. ولا يمكن مناقشة حظوظ إلا الموجودين بالفعل على الساحة والذين يعرفهم الناس بشكل أو بآخر.

فبداية، لا أرى شخصياً لكل من صباحي وأبو الفتوح فرصة حقيقية إذا خاضا الانتخابات. فالأول لن يستطيع تحقيق ما حققه من قبل إلا إذا وصل لتفاهم ما مع القوى التقليدية أراه بعيداً عن التحقق في ضوء وجود بدائل أخرى بالنسبة للقوى التقليدية، والثاني وضعه قلق بين الإسلاميين أنفسهم، كما أن أي مرشح إسلامي غيره - إذا ما حدثت المعجزة وقرر الإخوان عدم مقاطعة العملية السياسية ووحدوا الإسلاميين من جديد - قد يستطيع المنافسة ولكن ليس الحسم بأي شكل من الأشكال.

وهناك من الشخصيات ذات التاريخ العسكري اثنان جديران بالاهتمام: شفيق وموافي. فالأول له رصيد شعبي لا يمكن إنكاره عند قطاع من الناس، والثاني يبدو أنه يعمل بجد وجدية لتوطيد صلاته بمن يمتلكون القدرة على حشد الأصوات الانتخابية. ولكن، في رأيي الشخصي، توجد نقطة أساسية في وضع كل منهما لن تمكن أيهما من استكمال المنافسة - إذا قرر أي منهما خوضها: في حالة شفيق، فإنه كما لا يمكن إنكار رصيده الشعبي وخبرته السابقة في انتخابات 2012 إلا أنه أيضاً لا يمكن إنكار أن شرعيته مجروحة في نظر قطاعات في مصر سواء لأسباب حقيقية أو غير حقيقية. وخوضه الانتخابات سيدفع بأنواع محددة من الجدل إلى صدارة المشهد السياسي وهو جدل لا أظن أن كثيراً يريدونه بعد 30 يونيو لأسباب مختلفة! أما في حالة موافي، فالرجل غير معروف شعبياً وسوف يبدأ من الصفر في بناء صورة ذهنية له عند الجمهور، وهذا عمل شاقٌ وصعب إذا لم تقف وراءه قوى ذات شأن، وفضلاً عن ذلك، فكونه محسوب على المؤسسة العسكرية (بأكثر من شفيق الذي عمل في الخدمة المدنية لسنوات طويلة) قد يجعل المقارنة الشعبية بينه وبين "السيسي" الذي سيظل محتفظاً بشعبيته الجارفة قاسية وظالمة ولا تخدم استقرار البلد في السنوات العاصفة المقبلة. فالمنطق البسيط سيقول: إذا كان عسكرياً فليكن السيسي وليس أي شخص آخر!

لا يمكن استبعاد حظوظ أي من الرجلين بالطبع، ولكني أظن أنهما قد يلاقيان صعوبة بالغة خاصة إذا ترشح الشخص الذي أراه الأوفر حظاً والأنسب لهذه المرحلة وهو الرئيس المؤقت عدلي منصور!

فأولاً، سيكون معلوماً لدى محبي الجيش والسيسي، وهم كثرٌ وأصواتهم حاسمة، أن منصور سيكون مدعوماً من الجيش وبيروقراطية الدولة، وأن علاقات الرئاسة بمؤسسات القوة في مصر ستظل سلسة وبلا تهديدات متبادلة، وهذا لا شك سيحسن من فرص الاستقرار وانسيابية العمل المتعطل منذ سنوات.

وثانياً، قد ترى بعض القوى المدنية والديمقراطية وربما الثورية أن منصور سيكون البديل الواقعي الأفضل - وضع تحت الواقعي خطاً - من ناحية كونه مدنياً بما لا يضيّع ما تم اعتباره أحد إنجازات يناير، ومن ناحية أن وجوده هو بالذات كرئيس منتخب ديمقراطياً سيضمن قدراً أكبر من توزيع السلطات "الفعلية" - دعك من الدستورية والقانونية - بين المؤسسات المختلفة بدلاً من تركيزها جميعاً في يد مؤسسة واحدة أو شخص واحد.

وثالثاً، فالرئيس المؤقت ولا شك يترك حتى الآن انطباعاً "معقولاً" عند عموم الناس خاصة عند مقارنته بمن سبقه! غير أن لا عدواة خاصة بينه وبين أحد.

وأخيراً، وهو الأهم، فإنه من المتوقع أو المؤكد أن تتعدل صلاحيات الرئيس في الدستور المقبل بما لا يجعل منصب الرئيس حائزاً على ذات السلطات الواسعة مثلما كان الحال في السابق، وبالتالي فلن يكون مطلوباً أن يكون الرئيس سوبر مان أو بطلاً شعبياً أو حتى قائداً لحزب كبير.

وكلها أسباب في رأيي تجعل من التفكير في ترشحه أمراً منطقياً ووارداً بقوة.