أفضل و أشهر روايتين اتكتبوا فى التاريخ عن الدول الشمولية

بقلم : مصطفي بدر ,, أفضل و أشهر روايتين اتكتبوا فى التاريخ عن الدول الشمولية هما بالطبع رواية (1984) ل(جورج أورويل)، و رواية (عالم جديد شجاع) ل( ألدوس هكسلي ).

الروايتين اتنبأوا بمجتمعات مستقبلية خاضعة لسيطرة دولة شمولية تتحكم فى كل مناحي الحياة العامة و الخاصة، لكن الروايتين بيختلفوا بعد كده بشكل كبير جدا فى تصور الكيفية اللي هتتحقق بيها السيطرة.

فى (1984)، مجرد تطوير لعالم طغاة العصور الوسطى الكلاسيكي، الحكومة بتفرض سيطرتها بالخوف، بالتعذيب، بمراقبة انتقال المعلومات، بإلغاء أى نوع من أنواع الخصوصية و مراقبة كل كلمة و كل فعل، بل و حتى محاولة الهيمنة على تفكيرك نفسه، شعارات الدولة بتقول (الحرب هي السلام، الجهل هو المعرفة، الحرية هي العبودية)، و الحرية الحقيقية عند البطل المتمرد تبدأ من اعترافه بأن 2+2=4 مش 5 بغض النظر عما تقوله السلطة.
الخوف هو العمود الرئيسي الذى تقوم عليه الدولة الشمولية فى 1984، و بالتالي إذا أمكن استخدام التعبير، الشر يبدو واضحا بشكل مبالغ فيه.

بينما فى (عالم جديد شجاع)، أدرك المتحكمون أن القوة لا تجدي، و أنه من الممكن إغراء الناس لا إجبارهم على الحياة في مجتمع منظم، حيث لا مرض و لا صراع اجتماعي و لا اكتئاب، البشر في الرواية سعداء لا يكافحون و لا يطمحون و لا يحبون و لا يتألمون، هم لم يعودوا بشرا فعليا لكنهم سعداء بعبوديتهم.
الإغراء هو العمود الرئيسي الذي تقوم عليه الدولة الشمولية فى (عالم جديد شجاع)، و بالتالي صعب جدا تطلع الشىء الغلط فى الصورة دي.

كل الدول الشمولية فى العصر الحديث اللي حاولت تحاكي نمط رواية 1984 زى (ألمانيا النازية) أو (الإتحاد السوفيتي) انهارت انهيارا مدويا بمجرد أن دخلت فى صراع عسكري أو سياسي مع الأيديولوجية التي دحرت الاثنين (الديمقراطية الليبرالية) ، و طبعا للأسف (كوريا الشمالية) لسه مكملة معانا.
و أعتقد أن السبب الأكبر و الأهم فى حدوث ده أن فعليا الإغراء أقوى و أنجح بمراحل من الخوف، ده فى صميم طبيعتنا البشرية.
الحافز الفردي اللي بيخلي الشخص يدور على مصلحته الشخصية فى ظل نظام يرفع من مكانته و يحافظ على حرياته السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية أقوى بمراحل من حافز الخوف و القهر الجماعي و التعبئة العامة.

تحت ضغط الخوف، ممكن تعمل أي حاجة طبعا من أجل سلامتك الشخصية، لكن عمرك ما هتحاول تعملها باتقان لأنك غير مستفيد بشكل شخصي، و المجتمع فى النهاية هيتحول لشوية مجموعات بتحاول قهر بعضها البعض.
لكن تحت ضغط الإغراء، كل شخص هيحاول يعمل كل حاجة بأقصى درجة ممكنة من الإتقان بسبب إستفادته الشخصية، و اللي في أغلب الأحوال هيصب فى النهاية فى مصلحة المجموع.