ملحوظة بخصوص أن (عبدالناصر) كان زعيم الأمة المصرية

لا يمكن شخصنة التاريخ، فالأفراد هم نتاج التغيرات السياسية و الاقتصادية و رمزها قبل أن يكونوا صانعيها، و الشخصيات التاريخية مينفعش يتم اختزالها فى خانة (الأخيار) و (الأشرار)، بس التجارب التاريخية اللى بيعبروا عنها هى المحك علشان نأخد منها العبر و المواعظ، وظيفة التاريخ أساسا أنه يساعدنا على فهم الحاضر فبالتالى منقعدش نخترع العجلة كل يوم.

(هيكل) _أطال الله فى عمره_ علطول فى كتبه و أحاديثه بيقول أن "السلطة فى مصر العام 1952 كانت ملقاة فى عرض الطريق بانتظار من يأخذها، لكن لم يتقدم أحد من القوى التقليدية حتى قام الجيش المصرى بانقلاب يوليو 1952"، و دى من اللحظات اللي (هيكل) فيها بيستحق شهرته لأن فعلا ده اللى حصل بالظبط.
و الموضوع ده تكرر فى التاريخ المصرى الحديث 3 مرات: 1805، 1952، 2011.

مثلا فى العام 1952، الملكية المصرية و نظامها السياسى كانا على حافة الانهيار، بينما الطبقة المتوسطة المصرية و ممثلها الرئيسي (حزب الوفد) غير قادرين على بلورة و قيادة أى مشروع إصلاحى بسبب وصفة الجبن و التردد و المحافظة المميتة و المستمرة معنا فيما يبدو كما حدث فى 2011.
و بالتالى كانت الفرصة سانحة لشوية ضباط فى الثلاثينات من عمرهم أنهم يقوموا بانقلاب عسكري و يطيحوا بأقدم أسرة ملكية فى الشرق الأوسط و يتخلصوا من جميع معارضيهم و يسيطروا على مقاليد الأمور فى أقدم دولة مركزية فى العالم فى أقل من سنتين، بينما الباشاوات قاعدين فاتحين بقهم!

السؤال المهم هنا: ازاى و امتى الطبقة المتوسطة المصرية تفهم ان كده جبرت خلاص، مفيش الجنرال فارس الأحلام اللى جاى على ظهر الدبابة و هيخلى الصحراء مزارع، و لا خليفة المسلمين اللى نازل من فوق السحاب و هيخلى الفجل كوارع.
و أن هما اللى شايلين البلد على كتفهم و مع كده طالع دين أبوهم، و أن دولة البيروقراطية عمرها ما هتحقق حاجة، و أن حقهم فى امتلاك السلطة واجب من أجل قيادة الدولة نحو مستقبل أكثر إشراقا من الماضى الكئيب.