نظرية إسمها Reflexivity هذة نظرية يعلمها كل من يعمل فى أسواق المال و كتبها ببراعة المضارب المحترف جورج سورس فى كتابة الكيميائى "غير رواية باولو كويلو ", النظرية بإختصار تقول أن فهمك للواقع يؤثر على الواقع, بمعنى أن الواقع فى حالة تغير مستمر نتيجة تغير فهمنا للواقع.
النظرية معروفة فى أسواق المال لأن الشركة واقعها قد يكون سيئا و لكن سهمها يرتفع لو إقتنع عدد كاف من الناس بقوة السهم, مجرد قوة السهم قد يغير واقع الشركة السئ, لأن مثلا: قوة السهم قد تقنع كبار الموردين بإستمرار تعاملهم مع الشركة على الرغم من ضعف موقفها المالى.
المثال الشهير عن جحا, حين وجد أطفال كثيرون يلعبون حول بيتة, فأراد أن يتخلص منهم قال لهم إذهبو عند جارى أخر الشارع فهم يقدم وليمة, كذب جحا و لكنة حين و جد أطفال كثيرون يذهبون عند الجار تشكك و صدق كذبتة و قال سأذهب للجار فهناك و ليمة. هنا تنتهى القصة العربية بضحك على جحا الغبى.
لكن نظرية Reflexivity تقول أن جحا حين سيذهب عند جارة فسيجد جارة يعد و ليمة هناك !!! لأن الجار حين و جد أطفال كثيرون حول بيتة يسألونة عن الوليمة و هو رجل أهل كرم, فقرر على الفور أن لا يرد طلبهم و يبدأ فى إعداد و ليمة لهم .
الفكرة بإختصار أن حروب الإشاعات تعنى محاولة الكذب للتأثير على الواقع, بمعنى أن تكذب كذبة فيقتنع بها عدد كبير من الناس, نتيجة إقتناعهم بالكذبة, يتغير الواقع المخالف للكذبة و تتحول الكذبة إلى حقيقة يؤكدها الواقع.
مثال تجربة شخصية من البورصة و حرب الإشاعات:
منذ سنوات مضت كنت على راس فريق مسؤل عن إعادة الهيكلة المالية لشركة عقارية, شركة كانت حكومية و إنتقلت للقطاع الخاص, كانت شركة مدرجة فى البورصة و سهمها ضعيف جدا و لا يوجد علية تداول, وفق اللة الفريق و إكتشفنا طريق جيد لحسن إستغلال إصول الشركة و تقليل ديونها و زيادة ربحيتها, بدأت تتسرب أخبار عن إعادة الهيكلة للشركة و بدأ سهم الشركة فى التحرك و لكن مع ظهور بداية نتائج إعادة الهيكلة قفز سعر السهم 100% و بدأ الجميع يتحدثون عن الشركة
أثار تحرك السهم شغفى لاعرف ماذا يقول المتداولون عنا, دخلت و تابعت معظم الصفحات التى تتكلم عن السهم و تعلق على أخبارة, كانت تجربة غريبة, فأنا أعرف يقينا أخبار الشركة و خططها و ها أنا اشاهد تنبؤات المتداولين و تحليلاتهم لعملنا و كيف ينظرون للسهم.
الملاحظ أن أغلب الحوارات تدور حول مؤامرة ما تدور, حوارت كثيرة تدور حول مؤامرة أن المساهم الفلانى يشترى فى السهم أو أن الصندوق العلانى يبيع السهم, 95% من هذة الإفتراضات لم يكن لها علاقة بالواقع فهيكل المساهمين كان يصلنى يوميا.
إذا إرتفع السهم ترتفع وتيرة الأاخبار أن هناك بليونير يعتزم شراء الشركة و أن من يشترى السهم الان سيكسب كثيرا و لكن إن إنخفض السهم ترتفع وتيرة أخبار أن مساهمى الشركة يبيعون بكثافة بغرض التخلص, كأن الاخبار و الإشاعات كانت تتحرك لتحاول تفسير الواقع و التفسير الوحيد هو تفسير مؤامرة و اسرار.
نعم كانت تتسرب بعض من أخبار الشركة لهذة المواقع, لكن لم تكن الأخبار المهمة, لكن بمجرد أن يظهر شخص ما بأنة يعلم ما يدور داخل الشركة إلا و ينظر لة رواد الموقع على أنة خبير, مما يجعلة يفتى و يتكلم و يحلل و الكل يسمعة, كنت اشعر أن بعضهم و يبنى قصص و همية على سر صغير وصل لة لمجرد أن يبقى رواد الصفحة متابعين لة.
أغرب شئ كان النبؤة التى تحقق نفسها أو كما يقول جورج سورس "فهمك للوقع يؤثر على الواقع و يغيرة" , ما أن يخرج أحدهم بتحليل لوزعى أن السهم سيتحرك لمستويات كذا و كذا و سيحقق ربح و ينشر هذا الكلام مدفوع بشخص لة بعض مصداقية مع السهم إلا و يتحقق الامر, كان شئ جنونيا أن تجد كذبة عن السهم و يصدقها الناس و تحقق لهم ربح, كان تعامل الناس مع الخبر المغلوط و مدى إنتشارة و رغبتهم فى تصديقة يؤدى لنتيجة كأن الخبر كان صحيحا, جعلنى هذا أفهم نظرية الخواجة المضارب الذى قال Sell the Rumor buy the Fact.
نعم الإشاعة تؤدى لنتيجة أقوى من الحقيقة, لذا إشترى عند الإشاعة و بيع عندما تعرف الحقيقة حتى لو كانت الحقيقة مطابقة للإشاعة و العكس صحيح طبعا
فى أثناء المتابعة إكتشفت محترفى الإشاعة, كلهم لدية جزء صغير من الحقيقة, كلهم لدية درجة من المصداقية عند الأخرين, بعضهم لا ينشر إشاعة و لكنة يؤمن أن تحليلة صحيح و ينشرة على أنة حقيقة, كلهم يتبعون نمط مجرب من قبل, كلهم يبررون أى فشل يواجهونة بمؤامرة حدثت بليل .
يلاحظ أن أهل السياسة المتحاربون دوما يستخدمون الإشاعات السلبية ضد بعضهم البعض, مثل إنهيار الإقتصاد أو نقص البنزين و غيرها, هدفهم أن يصدق عدد كبير من الناس هذة الإشاعة فتتحول لحقيقة تضر الخصم, لكن بالنظر لسوق المال الذى من الممكن النظر لة كمعمل إختبار ضخم لحركة الإشاعات, تجد أن معظم الإشاعات المستخدمة هى الإشاعات الإيجابية و ليس السلبية, لكن العجيب أن ضررها شديد و قد يكون اشد من الإشاعات السلبية, تستخدم الإشاعة الإيجابية لأن مطلقها يريد تحقيق مكسب لنفسة, مثل إشاعة أن سهم س الذى سعرة الأن 10 جنية سيقدم علية عرض شراء بمشترى مستعد يشترى السهم س ب 15 جنية, طبعا إذا نجحت الإشاعة و صدقها عدد كبير من الناس فإن السهم يصعد مثلا لسعر 14 جنية و يحقق مطلق الإشاعة مكسب كبير, لكن كعادة كثير من الإشاعات فإن الحقيقة تعرف, يعلم الناس أنة لا يوجد عرض شراء بسعر 15 جنية فيهبط سعر السهم, السؤال هل يعود سعر السهم لمستوى 10 جنية أم ماذا ؟ الغريب فى معظم الحالات حين يتأكد الناس من كذب الإشاعة فإن السهم ينخفض عن مستور 10 جنية, مثلا ينخفض سعر السهم من مستور 14 جنية الذى وصلة إلى مستوى 9 جنية, مما يعنى أن هذة الإشاعة الإيجابية حين ثبت كذبها سببت ضرر شديد, يحدثنى صديق قى بلد عربى أن يوما ظهرت إشاعة أن الحكومة تطبق مشروع ستعطى شقة لكل خريج جامعة, صدق الناس هذة الإشاعة بل بدأ بعضهم فى توزيع ورق لتشجيع الناس على طلب الشقة لاولادهم قبل التخرج, صدق الناس و ذهبو جحافل للحكومة يطلبون الشقة, تقسم الحكومة أنة لا يوجد مثل هذا المشروع, كانت النتيجة إحباط شديد لدى الناس و كثير منهم هاجم الحكومة بشدة و اتهموها أنها سرقت أموال المشروع الذى كان سيعطى شقة لاولادهم, لم أصدق هذة الحكاية حتى وجدت سائقى التاكسى الابيض قد صدقو إشاعة غريبة مجهولة المصدر تقول أن المشروع ممول من الإتحاد الأوربى و أن الحكومة تجعلهم يدفعو اقساط بينما السيارة كلها ممولة بمنحة, هذا المشروع المهم تعرض لهزة عنيفة نتيجة هذة الإشاعة الإيجابية التى تم تكذيبها بكل الوسائل و لكن إلى الأن يظن كثير من السائقين أن الحكومة تسرقهم و السيارة هدية من أوروبا. الفكرة بإختصار أن الإشاعات عادتا يكتشف كذبها من صدقها لكن الإشاعة الإيجابية تسبب إحباط أكبر بكثير حينما يعرف الناس الحقيقة, الغريب فى الأمر أن الناس تميل أكثير لتصديق الإشاعة الإيجابية أكثر من تصديقها الإشاعة السلبية, إنة العقل البشرى الغريب .
بقلم : مالك سلطان
النظرية معروفة فى أسواق المال لأن الشركة واقعها قد يكون سيئا و لكن سهمها يرتفع لو إقتنع عدد كاف من الناس بقوة السهم, مجرد قوة السهم قد يغير واقع الشركة السئ, لأن مثلا: قوة السهم قد تقنع كبار الموردين بإستمرار تعاملهم مع الشركة على الرغم من ضعف موقفها المالى.
المثال الشهير عن جحا, حين وجد أطفال كثيرون يلعبون حول بيتة, فأراد أن يتخلص منهم قال لهم إذهبو عند جارى أخر الشارع فهم يقدم وليمة, كذب جحا و لكنة حين و جد أطفال كثيرون يذهبون عند الجار تشكك و صدق كذبتة و قال سأذهب للجار فهناك و ليمة. هنا تنتهى القصة العربية بضحك على جحا الغبى.
لكن نظرية Reflexivity تقول أن جحا حين سيذهب عند جارة فسيجد جارة يعد و ليمة هناك !!! لأن الجار حين و جد أطفال كثيرون حول بيتة يسألونة عن الوليمة و هو رجل أهل كرم, فقرر على الفور أن لا يرد طلبهم و يبدأ فى إعداد و ليمة لهم .
الفكرة بإختصار أن حروب الإشاعات تعنى محاولة الكذب للتأثير على الواقع, بمعنى أن تكذب كذبة فيقتنع بها عدد كبير من الناس, نتيجة إقتناعهم بالكذبة, يتغير الواقع المخالف للكذبة و تتحول الكذبة إلى حقيقة يؤكدها الواقع.
مثال تجربة شخصية من البورصة و حرب الإشاعات:
منذ سنوات مضت كنت على راس فريق مسؤل عن إعادة الهيكلة المالية لشركة عقارية, شركة كانت حكومية و إنتقلت للقطاع الخاص, كانت شركة مدرجة فى البورصة و سهمها ضعيف جدا و لا يوجد علية تداول, وفق اللة الفريق و إكتشفنا طريق جيد لحسن إستغلال إصول الشركة و تقليل ديونها و زيادة ربحيتها, بدأت تتسرب أخبار عن إعادة الهيكلة للشركة و بدأ سهم الشركة فى التحرك و لكن مع ظهور بداية نتائج إعادة الهيكلة قفز سعر السهم 100% و بدأ الجميع يتحدثون عن الشركة
أثار تحرك السهم شغفى لاعرف ماذا يقول المتداولون عنا, دخلت و تابعت معظم الصفحات التى تتكلم عن السهم و تعلق على أخبارة, كانت تجربة غريبة, فأنا أعرف يقينا أخبار الشركة و خططها و ها أنا اشاهد تنبؤات المتداولين و تحليلاتهم لعملنا و كيف ينظرون للسهم.
الملاحظ أن أغلب الحوارات تدور حول مؤامرة ما تدور, حوارت كثيرة تدور حول مؤامرة أن المساهم الفلانى يشترى فى السهم أو أن الصندوق العلانى يبيع السهم, 95% من هذة الإفتراضات لم يكن لها علاقة بالواقع فهيكل المساهمين كان يصلنى يوميا.
إذا إرتفع السهم ترتفع وتيرة الأاخبار أن هناك بليونير يعتزم شراء الشركة و أن من يشترى السهم الان سيكسب كثيرا و لكن إن إنخفض السهم ترتفع وتيرة أخبار أن مساهمى الشركة يبيعون بكثافة بغرض التخلص, كأن الاخبار و الإشاعات كانت تتحرك لتحاول تفسير الواقع و التفسير الوحيد هو تفسير مؤامرة و اسرار.
نعم كانت تتسرب بعض من أخبار الشركة لهذة المواقع, لكن لم تكن الأخبار المهمة, لكن بمجرد أن يظهر شخص ما بأنة يعلم ما يدور داخل الشركة إلا و ينظر لة رواد الموقع على أنة خبير, مما يجعلة يفتى و يتكلم و يحلل و الكل يسمعة, كنت اشعر أن بعضهم و يبنى قصص و همية على سر صغير وصل لة لمجرد أن يبقى رواد الصفحة متابعين لة.
أغرب شئ كان النبؤة التى تحقق نفسها أو كما يقول جورج سورس "فهمك للوقع يؤثر على الواقع و يغيرة" , ما أن يخرج أحدهم بتحليل لوزعى أن السهم سيتحرك لمستويات كذا و كذا و سيحقق ربح و ينشر هذا الكلام مدفوع بشخص لة بعض مصداقية مع السهم إلا و يتحقق الامر, كان شئ جنونيا أن تجد كذبة عن السهم و يصدقها الناس و تحقق لهم ربح, كان تعامل الناس مع الخبر المغلوط و مدى إنتشارة و رغبتهم فى تصديقة يؤدى لنتيجة كأن الخبر كان صحيحا, جعلنى هذا أفهم نظرية الخواجة المضارب الذى قال Sell the Rumor buy the Fact.
نعم الإشاعة تؤدى لنتيجة أقوى من الحقيقة, لذا إشترى عند الإشاعة و بيع عندما تعرف الحقيقة حتى لو كانت الحقيقة مطابقة للإشاعة و العكس صحيح طبعا
فى أثناء المتابعة إكتشفت محترفى الإشاعة, كلهم لدية جزء صغير من الحقيقة, كلهم لدية درجة من المصداقية عند الأخرين, بعضهم لا ينشر إشاعة و لكنة يؤمن أن تحليلة صحيح و ينشرة على أنة حقيقة, كلهم يتبعون نمط مجرب من قبل, كلهم يبررون أى فشل يواجهونة بمؤامرة حدثت بليل .
يلاحظ أن أهل السياسة المتحاربون دوما يستخدمون الإشاعات السلبية ضد بعضهم البعض, مثل إنهيار الإقتصاد أو نقص البنزين و غيرها, هدفهم أن يصدق عدد كبير من الناس هذة الإشاعة فتتحول لحقيقة تضر الخصم, لكن بالنظر لسوق المال الذى من الممكن النظر لة كمعمل إختبار ضخم لحركة الإشاعات, تجد أن معظم الإشاعات المستخدمة هى الإشاعات الإيجابية و ليس السلبية, لكن العجيب أن ضررها شديد و قد يكون اشد من الإشاعات السلبية, تستخدم الإشاعة الإيجابية لأن مطلقها يريد تحقيق مكسب لنفسة, مثل إشاعة أن سهم س الذى سعرة الأن 10 جنية سيقدم علية عرض شراء بمشترى مستعد يشترى السهم س ب 15 جنية, طبعا إذا نجحت الإشاعة و صدقها عدد كبير من الناس فإن السهم يصعد مثلا لسعر 14 جنية و يحقق مطلق الإشاعة مكسب كبير, لكن كعادة كثير من الإشاعات فإن الحقيقة تعرف, يعلم الناس أنة لا يوجد عرض شراء بسعر 15 جنية فيهبط سعر السهم, السؤال هل يعود سعر السهم لمستوى 10 جنية أم ماذا ؟ الغريب فى معظم الحالات حين يتأكد الناس من كذب الإشاعة فإن السهم ينخفض عن مستور 10 جنية, مثلا ينخفض سعر السهم من مستور 14 جنية الذى وصلة إلى مستوى 9 جنية, مما يعنى أن هذة الإشاعة الإيجابية حين ثبت كذبها سببت ضرر شديد, يحدثنى صديق قى بلد عربى أن يوما ظهرت إشاعة أن الحكومة تطبق مشروع ستعطى شقة لكل خريج جامعة, صدق الناس هذة الإشاعة بل بدأ بعضهم فى توزيع ورق لتشجيع الناس على طلب الشقة لاولادهم قبل التخرج, صدق الناس و ذهبو جحافل للحكومة يطلبون الشقة, تقسم الحكومة أنة لا يوجد مثل هذا المشروع, كانت النتيجة إحباط شديد لدى الناس و كثير منهم هاجم الحكومة بشدة و اتهموها أنها سرقت أموال المشروع الذى كان سيعطى شقة لاولادهم, لم أصدق هذة الحكاية حتى وجدت سائقى التاكسى الابيض قد صدقو إشاعة غريبة مجهولة المصدر تقول أن المشروع ممول من الإتحاد الأوربى و أن الحكومة تجعلهم يدفعو اقساط بينما السيارة كلها ممولة بمنحة, هذا المشروع المهم تعرض لهزة عنيفة نتيجة هذة الإشاعة الإيجابية التى تم تكذيبها بكل الوسائل و لكن إلى الأن يظن كثير من السائقين أن الحكومة تسرقهم و السيارة هدية من أوروبا. الفكرة بإختصار أن الإشاعات عادتا يكتشف كذبها من صدقها لكن الإشاعة الإيجابية تسبب إحباط أكبر بكثير حينما يعرف الناس الحقيقة, الغريب فى الأمر أن الناس تميل أكثير لتصديق الإشاعة الإيجابية أكثر من تصديقها الإشاعة السلبية, إنة العقل البشرى الغريب .
بقلم : مالك سلطان