اطالة أمد الاحتجاجات الشعبية تؤدى الى اختراقها .. واحدة من اهم دروس المرحلة الانتقالية ، و واحد من اهم الاسباب الحقيقية لنهوض الشعب من ميادين الثورة فى 11 فبراير 2011 ، بعد ان ظفر بمشهد ختامي مميز لــ 18 يوم لم يتوقع احد ان تمر بهم مصر ابدا
و اليوم تشهد مصر اضطرابات شديدة ، على وقع ازمة اقتصادية طاحنة ، و حاكم مدني وعد المصريين بكل شئ ، و لم يفعل اى شئ ، و لكن طول أمد الانتفاضات الشعبية ، ادى الى تحول الامر اليوم الى لعبة بيد الدولة العميقة ، بعد ان بدأت شعبيا ً فى 19 نوفمبر 2012 بحلول الذكرى الأولى لانتفاضة جرت عام 2011 ، و ما ان هدأت فى ديسمبر 2012 حتى اشتعلت انتفاضة يناير 2013 ، و التى هدأت فى فبراير 2013 مخلفة ما يمكن ان نسميه اضطرابات فبراير 2013 التى لم تهدأ حتى الان
الملف انتقل بالكامل الان الى الداخلية و الجيش ، كلاهما اليوم يمسك بعصا تحريك الشارع ، الداخلية تسخن و الجيش يبرد ، و الداخلية تشارك باعتصامات و اضرابات ، و الجيش نيابة عن الدولة العميقة يحصد النتائج ، و الرئيس الدمية عاجز ، و من خلفه جماعة ارهابية متربصة ، بدأت الامور تنفلت من يديها و لم يعد لديها الا الخيار الاخير ، العنف الشامل ..
يدركون جيدا ً ان هذا الخيار الاخير سوف يسحب منهم اى شرعية امريكية ، لذا يظل الخيار الاخير ، بل و يذهب بعض رجالاتهم للقول انه خيار غير مطروح ، و انه لو حدث و جرى قلب الطاولة فوق رأس الاسلاميين ، يجب عليهم المحاولة مرة اخري دون استخدام العنف
على ضوء النيران المشتعلة فى عموم الوطن اليوم ، لابد للجميع بلا استثناء ان يبدأ مراجعة نفسه و مراجعة الفترة الماضية ، اعلم ان هذا الفعل بعيد كل البعد عن نفسية المواطن المصرى عموما ً ، سم لى خمسة من اصدقائك فى مرحلة ما وقفوا مع انفسهم و راجعوا حياتهم و صنفوا الصح من الغلط ، و قرروا تغيير المسارات ، لذا لا تتوقع ابدا ان يتراجع ثوار اللمون عن اختيارهم ، بل سوف يعززونه فى اى انتخابات مقبلة ، الموضوع ليس له ادني علاقة بالغباء السياسي ، انها عقد نفسية تحكم و تشكل الشرق الاوسط منذ سنوات
.........
.........
عن ثورة يقولون انها سلمت الحكم للاخوان المسلمين .. هذا ليس صحيح ، الثورة انتهت فى 11 فبراير 2011 ، و سلمت الحكم للمجلس الاعلى للقوات المسلحة ، وسط اعلى نسبة احتفاء و شعبية للجيش المصرى فى تاريخه ، لقد تحولوا الى بوب ستارز وقتذاك ..
من سلم الحكم للاسلاميين هم من بددوا هذه الشعبية ، و جعلوا من كان مرغوبا ً فيهم هم الخيار غير المطروح بالنسبة للاغلبية ، لم تقم الثورة بكشوف العذرية من اجل تخوييف الناس من اى رجل قادم من المؤسسات الامنية ، لم تقم الثورة بمذبحة ماسبيرو و استخدام المعدات الحربية فى دهس المتظاهرين ( هذه جريمة حرب بالمناسبة ) ، استخدام اسلحة محرمة دوليا ً فى انتفاضة نوفمبر 2011 ، التستر على المحرضين لجريمة بورسعيد 2012 ، و غيرها من المواقع الدموية ..
و حتى بحلول الانتخابات ، جميع صحف العالم تحدثت عن الصفقة التى جرت بين الجيش و الاخوان ، نحن نلعن ثوار اللمون و لكن اولا و اخيرا الامر كان صفقة جرت بين المجلس العسكري و الاخوان المسلمين
فلا الثورة سلمت الحكم للاخوان فى 2011 ، و لا ثلة من الثوار سلموا الحكم للاخوان فى 2012 ، العسكر هم من تسلموا الحكم عام 2011 ، و هم من عقدوا الصفقة عام 2012 .. هم من قاموا بتصفية الشارع الثورى على مدار عام و نصف من اجل ان يخلو لهم الجو ، فخلا لغيرهم
لماذا فشل مرسي ؟
بالتأكيد هنالك عوامل خاصة بشخصه ، منها ما يعرفه اى اخواني متسق مع ذاته ان الرجل معدوم الفكر و الشخصية و المواهب ، دمية بيد مكتب الارشاد منذ اليوم الاول لتصعيده ، اختروه مكتب الارشاد لانه آخر واحد فيهم يمكن ان يخالف اى رأى او يناقش ايا منهم
على المستوي العملى التركة ثقيلة للغاية ، و الجميع يعرف مسبقا ً ان الرئيس الأول بعد الثورة فاشل ، تحدثت ذات مرة مع صديق لى فى ابريل 2011 ، و قلت له بالنص الاستقرار لن يعود الا مع الرئيس الثالث ، صحيح ان مرسي و جماعته لم قدموا اى حلول منطقية او حقيقية للأزمات ، و لكن فشله كان محتما ً
و على المستوي السياسي كان السعي لاخونة كل شئ هو تابوت الحكم المدني عموما ً و الاخواني خصوصا ً ، احرق الاخوان معهم الليبراليين و اليساريين بان شنوا عليهم حرب تكفير من اليوم الأول ، فتحولوا رويدا رويدا الى ادوات تسخين فى يد الدولة العميقة ، كان يجب على الاخوان ان يقوموا باحتواء الليبراليين و اليساريين فى الحكومة الاولي ، و لكن الاخوان كانوا اكثر حرصا على احتواء اليمين السلفى ، و السلفيين – سواء سلفيو الاخوان المسلمين او الدعوة السلفية – كانوا الداعم الرئيسي لرفض الاخوان لفكرة وجود نائب ثورى او رئيس وزراء ليبرالى او حتى وجود ايا منهم بمجلس الوزراء
و كانت الدولة العميقة حاضرة بقوة فى اتجاه تحريض السلفيين على دفع الاخوان لهذا الاتجاه ، من اجل توريطهم فى فكرة التكويش و اخونة مجلس الوزراء ، من يتصور ان الذين هرولوا لاحمد شفيق عشية اعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية قد قطعوا اتصالاتهم بالدولة العميقة عقب اعلان فوز مرسي هو واهم ، التنسيق واضح منذ اليوم الأول ، هم القنبلة و الفخ الذى دسته الدولة العميقة داخل صفوف الاسلاميين
وعموما ً اغلب القيادات السلفية نسقت مرارا مع الدولة العميقة فى سنوات الجمهورية الاولي ، لا جديد فى الامر لمن يعرفهم جيدا
كارت جبهة الانقاذ
لو كان الاخوان قد احتوا الليبراليين و اليساريين و كان الامر بالغ السهولة ، لما وجدت الدولة العميقة من يقوم بدور الواجهة السياسية للازمة الجارى الاعداد لها وقتذاك ، هنا فحسب ولدت فكرة جبهة الانقاذ ، و اصبح لازمات جارى الاعداد لها واجهة سياسية ، صحيح ضعيفة ، ولكن كان من المستحيل تكرار خطأ تظاهرات اغسطس 2012 ، حينما كان ابو حامد و مصطفى بكرى هما الداعيين للتظاهرات ، لابد من شخصيات غاضبة قادمة من قلب ميدان التحرير
لم يكن صباحي او البرادعي بعيدين على اى حال عن الدولة العميقة ، من يؤمن بانه يوجد معارض حقيقي لنظام مبارك من اليساريين لم يتم التنسيق معه يوما ً فهو واهم ، و من يظن الدفعة المفاجئة التى حصل عليها صباحي فى انتخابات الرئاسة من اجل جذب اصوات من الكتلة التصويتية المتضخمة وقتذاك لصالح ابو الفتوح كانت بعيدة عن يد الدولة العميقة فهو واهم .. الرجل معروف لهم منذ زمن ، و تصريحاته عقب فوز مرسي بانه سوف يكون رئيس لمصر فى اقرب وقت ممكن مستندة على كلام قيل له و لا يزال قابل للتنفيذ حتى الان
اما البرادعي فعلاقته بالدولة العميقة موضحة فى كتابي الجمهورية المظلومة ، و يكفى القول انه حتى اليوم لا احد يعرف ماذا دار بينه و بين طنطاوي فى اجتماعهم الاخير ليلة اعلان فوز مرسي
كارت حازم صلاح ابو اسماعيل
كما اهدى الاخوان كارت اليساريين ( صباحي ) و الليبراليين ( البرادعي ) و رجالات معتدلين من النظام السابق ( عمرو موسي ) الى الدولة العميقة ، كان هنالك كارت آخر قدمه الاخوان على طبق من ذهب للدولة العميقة ، حازم صلاح ابو اسماعيل ، و الحقيقة ان كل تحركات حازمون لدي مدينة الانتاج الاعلامي و الهيئات القضائية كان يمكن ضربها و السيطرة عليها ، و لكن الدولة العميقة تركت الحبل على الغارب لحازمون ، من اجل تخويف المجتمع و رجالات الاعلام و القضاء بل و حتى بعض عناصر الدولة العميقة بحقيقة ان هذا التيار يسلك هذا السلوك حيال معارضيه ، اى شخص شارك فى اعتصام العباسية و شارك فى احداث المرحلة الانتقالية مثل محمد محمود يدرك امرين ، ان الشرطة قادرة على فض اعتصام حازمون سواء عند الهيئات القضائية او مدينة الانتاج الاعلامي ، و ثانيا ان السلفيين عموما و حازمون خصوصا اول من يهرول و يغادر اى اشتباكات
لو حمت الدولة العميقة القضاء و الاعلام من حازمون لكان الحادث عارضا ً ، و لكن بعد ان تركوا الحبل على الغارب لهم اصبح هنالك تخوف هستيرى فى المجتمع و بين رجالات الاعلام و القضاء على مستقبل الحريات ، و داخل الداخلية على مستقبل نفوذهم بعد رؤية هذه الجماعات
هكذا تحقق الذعر المنشود
.........
.........
الكروت الاربعة على غلاف كتابي مستقبل مصر .. مجرد كروت تمسكها يد ما
.........
.........
هل الدولة العميقة بهذه القوة ؟
اخبرني انت ما الذى حدث لها منذ قيام الثورة اساسا ً ، من يظن ان 28 يناير كانت ضربة للشرطة واهم ، سبق لمساعد لوزير الداخلية ان شرح فى حوار صحفى ان خطة انسحاب الشرطة و صناعة انفلات امني كانت خطة موجودة لدى الداخلية منذ زمن ، ما ان يموت مبارك حتى يتم تسريح بلطجية الداخلة من اجل حرق الاقسام و اقتحام السجون و تنسحب الشرطة ، يجتمع الحزب الوطني بشكل عاجل و يقرر وسط هذه الفوضى ان يشكل لجنة امنية لاعادة الامن للبلاد بقيادة جمال مبارك ، خلال اسبوع ينهي الرجل الفوضى ، و تخرج تظاهرات مؤيدة له ، و هكذا يتم تمرير مشروع التوريث ( الحوار و مصدره و اسم مساعد وزير الداخلية الاسبق فى كتابي الثورة المصرية الكبري ) .. سبق لصلاح منتصر ان تحدث عن نفس الخطة فى سلسلة مقالات منع جزءها الاخير فى الاهرام و نشرت فى كتاب ، الخطة التى اعدت لتمرير حكم الابن ، استخدمت من اجل انقاذ حكم الاب
صحيح ما جرى فى 28 يناير جزء منه فعله الثوار ، و جزء آخر عصابات ما ان عرفت ان الاقسام ضربت حتى هرولت لاخراج رجالاتها ، و جزء ثالث لاسلاميين ساعدوا فى اخراج رجال حماس و حزب الله و الاخوان من السجون ، و لكن لكل حادث اقتحام مسعى و منفذ ، العمومية و الشمولية فى فهم كل ما جرى فى مصر خلال العامين الماضيين اكبر خطأ ، لكل حادث ممول و منفذ و مسعي و هدف ، حتى لو تشابهت الحوادث
ثم ان الدولة العميقة و هذا هو اهم ما فى الامر تكاد تكون لا تدبر اى شئ تقريبا ً ، الاخوان يريدون احتواء السلفيين و تشن حرب الغاء حيال اليساريين و العلمانيين ، الاخوان يطلقون حازمون على الشعب ، الاخوان ليس لديهم اى حلول حقيقية او وقتية لكل مشاكل المصريين بدء من الزبالة وصولا الى قيمة الجنيه حيال الدولار الامريكي
الاخوان نفضوا ايديهم من اية وعود للثوار ، و يحاولون بشتى الطرق ارضاء بقايا النظام القديم عبر مهرجان البراءة للجميع الجاري ، الاخوان لم يقدموا اى مشروع تنمية حقيقي لبورسعيد او اقليم قناة السويس اللهم بيع الاقليم لدولة قطر
الاخوان هم من يدقون المسمار تلو الاخر فى نعشهم ، تكاد تكون الدولة العميقة مجرد شخص بارع فى اختيار التوقيت المناسب لتسجيل بعض المداخلات البسيطة الشيقة ، على اثرها يجني محصول شبه يومي يكفل له العودة مرة اخرى لسدة الحكم لا على اكتاف صراع خفى على السلطة او صناعة ماهرة للفوضى فحسب ، بل على اكتاف رغبة شعبية و حراك ثورى جارى بالفعل
لماذا سقط خيار الدولة المدنية ؟ و ما المطلوب فى الفترة المقبلة ؟
الفساد لا يسقط بسقوط رأس النظام ، بل بزوال اسبابه ، و الثورة كان يجب ان تكمل ما بعد يوم 11 فبراير 2011 ، و لا يوجد شئ اسمه استراحة ثورية و العودة مرة اخري ، لذا كل حادث سياسي جرى عقب ذلك يعتبر وحدة سياسية قائمة بذاتها ، و لكن و بكل اسف ارى انه كان من المستحيل استكمال العمل الميداني يوم 12 فبراير 2011 ، كان هنالك تململ شعبي ، و دخلاء دخلوا الميدان و سرقوه يوم 11 فبراير 2011 عقب التنحي ، سواء المحتفلين الذين نزلوا و قالوا بكل فجر و جرأة للمعتصمين كنا معكم فى الميدان منذ 25 يناير ، او سلسلة التحرشات الجنسية التى ظهرت يومذاك بعد ان كان الميدان يلا تحرشات طيلة 18 يوم
كان يجب وقتذاك ان يتفاوض من نصب نفسه باسم الثوار على ضمانات للقضاء على الفساد ، و لكن المتحدثين الاعلاميين باسم الميدان ، و المهرولين لمجالسة العسكر ، و من خلفهم جحافل الثوار ، سيقوا الى العاب غبية ، نتيجة لجهلهم السياسي ، و لان البعض كان يريد مكاسب فورية و شخصية عاجلة ، و كان للمداخلات الاجنبية دور ايضاً ، و كانت النتيجة ان الثورة دخلت صراع علماني اسلامي ، ثم صراع الدستور اولا و الانتخابات اولا ، ثم يسقط يسقط حكم العسكر بالتزامن مع الصراع مع الاسلاميين.. الخ الخ من السيناريو الممل الذى رأيناه على مدار عامين ، و ان ظلت العلامة البارزة فى المرحلة الانتقالية هو قيام التيار الاسلامي بفرملة اى تحرك ثورى حقيقي حيال الدولة العميقة التى تتلذذ اليوم بالتهام كعكة حكمهم قطعة قطعة
الدولة العميقة لا تسقط بازمة رأس النظام ، الدولة العميقة لا تسقط بمحاولات الاخونة و دس رجالات من تيار ما داخل المنظومة ، الدولة العميقة تسقط بتيار ليبرالى وطني ، و ثورة لديها القدرة على تهديد الاذرعة العسكرية للدولة العميقة
و لانه ليس لدينا تيار ليبرالى وطني ، فالكل مخترق ، و الكل تعامل تارة مع الدولة العميقة ، و الامريكان ، او كلاهما ، و لانه يستحيل فى ظرف دولى مثل هذا ان تشن ثورة حقيقية على الدولة العميقة ، لاننا لن نفعل اى شئ الا تكرار السيناريو الليبى و السورى المشوه ، و نفتح الباب للتدخل العسكري داخل مصر ، و الاهم انه لن يكون هنالك بديل عن الدولة البوليسية العسكرية المخابراتية العميقة الا الدولة الاخوانية الاسلامية السلفية العميقة ، بالاحرى تظل الدولة العميقة هى الحاجز الحقيقي و الاخير امام تكرار نموذج افغانستان او ايران فى مصر ، و صدقا ً ما سوف يحدث فى مصر على يد الاسلاميين سوف يجعل ما حدث فى افغانستان و ايران مجرد نزهة خلوية للحريات ، الاسلاميين المصريين العن من اسلاميو ايران او كوكتيل الاسلاميين الذى فعلها يوما فى افغانستان
فى اعتقادي ان سقوط مرسي و الحكم المدني اصبح مسألة وقت ، و فى ظل الفوضى الاقتصادية و الامنية و السياسية التى صنعها غباء الاخوان و مباركة الدولة العميقة ، سوف يؤول الحكم الى الدولة العميقة مجددا ً ، اما جنرال عسكري بشكل مباشر ، او يتم استخدام احدى رجالات الحقل السياسي لواجهة سياسية لحكم الدولة العميقة
اذن هل نستسلم ؟
عام 2007 كتبت مقال بعنوان الاستربتيز الدستورى بمناسبة التعديلات الدستورية المقررة وقتذاك ، و قلت فيه بالنص ان اسقاط الفساد لن يتم بتغيير رأس النظام بل بتغيير قاعدة النظام ، التغيير من اسفل لا من اعلى ، الثورة التى سوف تنجح هى التى تهتم باصلاح التعليم و انهاء البطالة و التدني الاخلاقى الذى ادى الى انتشار الفساد
و مرت الايام و جاء يناير 2011 و نجحت الثورة فى اسقاط رأس النظام بل و كافة وزرائه و رؤساء وزرائه دخلوا المعتقلات و يتم قصقصة ثرواتهم المالية كل فترة ، و مع ذلك بقيت المنظومة
بقيت المنظومة لان القائمين على فساد التعليم و الاقتصاد و الاخلاق و العمل لم تتغير نفوسهم ، و لم تتغير شخصياتهم ، التغيير هو ان يبدأ كل فرد فى ان يصنع بنفسه و لنفسه التغيير الذى يريده ، و ان نتكاتف سويا ً فى حلقات من اجل صناعة هذا النوع من التغيير ، و ان ندفع الدولة العميقة الى اصلاحات فى مجال الصناعة و التجارة و التعليم ، و قد شرحت مقترحي هذا كاملا فى كتاب الجمهورية المظلومة ( 2010 ) قبل الثورة و فى مستقبل مصر ( 2013 ) بعد الثورة
اما التغيير من الشارع ، فاعتقد انه يجب ان ندخل فترة بيات ثورى خمس سنوات على الاقل ، لانه اى تحرك ثورى اليوم يتم اختراقه ، او تطويعه ، سواء من الدولة العميقة او التيار الاسلامي ، نجاح يناير 2011 سببه انه كان مفاجئ للاثنين و للجميع ، و لكن اليوم الكروت الثورية محروقة ، بحاجة الى وقت لكى تلتئم جروح ميدان التحرير ، و تلتئم جروح التغيير ، تلك التى كانت يجب ان تحدث ، او التى حدثت عن طريق الخطأ ، و بحاجة الى ان نعطى الفرصة لقائمين على الاقتصاد و الامن من اجل لملمة المشهد
و الايام وحدها قادرة على تأكيد صحة الكثير مما ذكر فى السطور السابقة .. و لا ازيد
و اليوم تشهد مصر اضطرابات شديدة ، على وقع ازمة اقتصادية طاحنة ، و حاكم مدني وعد المصريين بكل شئ ، و لم يفعل اى شئ ، و لكن طول أمد الانتفاضات الشعبية ، ادى الى تحول الامر اليوم الى لعبة بيد الدولة العميقة ، بعد ان بدأت شعبيا ً فى 19 نوفمبر 2012 بحلول الذكرى الأولى لانتفاضة جرت عام 2011 ، و ما ان هدأت فى ديسمبر 2012 حتى اشتعلت انتفاضة يناير 2013 ، و التى هدأت فى فبراير 2013 مخلفة ما يمكن ان نسميه اضطرابات فبراير 2013 التى لم تهدأ حتى الان
الملف انتقل بالكامل الان الى الداخلية و الجيش ، كلاهما اليوم يمسك بعصا تحريك الشارع ، الداخلية تسخن و الجيش يبرد ، و الداخلية تشارك باعتصامات و اضرابات ، و الجيش نيابة عن الدولة العميقة يحصد النتائج ، و الرئيس الدمية عاجز ، و من خلفه جماعة ارهابية متربصة ، بدأت الامور تنفلت من يديها و لم يعد لديها الا الخيار الاخير ، العنف الشامل ..
يدركون جيدا ً ان هذا الخيار الاخير سوف يسحب منهم اى شرعية امريكية ، لذا يظل الخيار الاخير ، بل و يذهب بعض رجالاتهم للقول انه خيار غير مطروح ، و انه لو حدث و جرى قلب الطاولة فوق رأس الاسلاميين ، يجب عليهم المحاولة مرة اخري دون استخدام العنف
على ضوء النيران المشتعلة فى عموم الوطن اليوم ، لابد للجميع بلا استثناء ان يبدأ مراجعة نفسه و مراجعة الفترة الماضية ، اعلم ان هذا الفعل بعيد كل البعد عن نفسية المواطن المصرى عموما ً ، سم لى خمسة من اصدقائك فى مرحلة ما وقفوا مع انفسهم و راجعوا حياتهم و صنفوا الصح من الغلط ، و قرروا تغيير المسارات ، لذا لا تتوقع ابدا ان يتراجع ثوار اللمون عن اختيارهم ، بل سوف يعززونه فى اى انتخابات مقبلة ، الموضوع ليس له ادني علاقة بالغباء السياسي ، انها عقد نفسية تحكم و تشكل الشرق الاوسط منذ سنوات
.........
.........
عن ثورة يقولون انها سلمت الحكم للاخوان المسلمين .. هذا ليس صحيح ، الثورة انتهت فى 11 فبراير 2011 ، و سلمت الحكم للمجلس الاعلى للقوات المسلحة ، وسط اعلى نسبة احتفاء و شعبية للجيش المصرى فى تاريخه ، لقد تحولوا الى بوب ستارز وقتذاك ..
من سلم الحكم للاسلاميين هم من بددوا هذه الشعبية ، و جعلوا من كان مرغوبا ً فيهم هم الخيار غير المطروح بالنسبة للاغلبية ، لم تقم الثورة بكشوف العذرية من اجل تخوييف الناس من اى رجل قادم من المؤسسات الامنية ، لم تقم الثورة بمذبحة ماسبيرو و استخدام المعدات الحربية فى دهس المتظاهرين ( هذه جريمة حرب بالمناسبة ) ، استخدام اسلحة محرمة دوليا ً فى انتفاضة نوفمبر 2011 ، التستر على المحرضين لجريمة بورسعيد 2012 ، و غيرها من المواقع الدموية ..
و حتى بحلول الانتخابات ، جميع صحف العالم تحدثت عن الصفقة التى جرت بين الجيش و الاخوان ، نحن نلعن ثوار اللمون و لكن اولا و اخيرا الامر كان صفقة جرت بين المجلس العسكري و الاخوان المسلمين
فلا الثورة سلمت الحكم للاخوان فى 2011 ، و لا ثلة من الثوار سلموا الحكم للاخوان فى 2012 ، العسكر هم من تسلموا الحكم عام 2011 ، و هم من عقدوا الصفقة عام 2012 .. هم من قاموا بتصفية الشارع الثورى على مدار عام و نصف من اجل ان يخلو لهم الجو ، فخلا لغيرهم
لماذا فشل مرسي ؟
بالتأكيد هنالك عوامل خاصة بشخصه ، منها ما يعرفه اى اخواني متسق مع ذاته ان الرجل معدوم الفكر و الشخصية و المواهب ، دمية بيد مكتب الارشاد منذ اليوم الاول لتصعيده ، اختروه مكتب الارشاد لانه آخر واحد فيهم يمكن ان يخالف اى رأى او يناقش ايا منهم
على المستوي العملى التركة ثقيلة للغاية ، و الجميع يعرف مسبقا ً ان الرئيس الأول بعد الثورة فاشل ، تحدثت ذات مرة مع صديق لى فى ابريل 2011 ، و قلت له بالنص الاستقرار لن يعود الا مع الرئيس الثالث ، صحيح ان مرسي و جماعته لم قدموا اى حلول منطقية او حقيقية للأزمات ، و لكن فشله كان محتما ً
و على المستوي السياسي كان السعي لاخونة كل شئ هو تابوت الحكم المدني عموما ً و الاخواني خصوصا ً ، احرق الاخوان معهم الليبراليين و اليساريين بان شنوا عليهم حرب تكفير من اليوم الأول ، فتحولوا رويدا رويدا الى ادوات تسخين فى يد الدولة العميقة ، كان يجب على الاخوان ان يقوموا باحتواء الليبراليين و اليساريين فى الحكومة الاولي ، و لكن الاخوان كانوا اكثر حرصا على احتواء اليمين السلفى ، و السلفيين – سواء سلفيو الاخوان المسلمين او الدعوة السلفية – كانوا الداعم الرئيسي لرفض الاخوان لفكرة وجود نائب ثورى او رئيس وزراء ليبرالى او حتى وجود ايا منهم بمجلس الوزراء
و كانت الدولة العميقة حاضرة بقوة فى اتجاه تحريض السلفيين على دفع الاخوان لهذا الاتجاه ، من اجل توريطهم فى فكرة التكويش و اخونة مجلس الوزراء ، من يتصور ان الذين هرولوا لاحمد شفيق عشية اعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية قد قطعوا اتصالاتهم بالدولة العميقة عقب اعلان فوز مرسي هو واهم ، التنسيق واضح منذ اليوم الأول ، هم القنبلة و الفخ الذى دسته الدولة العميقة داخل صفوف الاسلاميين
وعموما ً اغلب القيادات السلفية نسقت مرارا مع الدولة العميقة فى سنوات الجمهورية الاولي ، لا جديد فى الامر لمن يعرفهم جيدا
كارت جبهة الانقاذ
لو كان الاخوان قد احتوا الليبراليين و اليساريين و كان الامر بالغ السهولة ، لما وجدت الدولة العميقة من يقوم بدور الواجهة السياسية للازمة الجارى الاعداد لها وقتذاك ، هنا فحسب ولدت فكرة جبهة الانقاذ ، و اصبح لازمات جارى الاعداد لها واجهة سياسية ، صحيح ضعيفة ، ولكن كان من المستحيل تكرار خطأ تظاهرات اغسطس 2012 ، حينما كان ابو حامد و مصطفى بكرى هما الداعيين للتظاهرات ، لابد من شخصيات غاضبة قادمة من قلب ميدان التحرير
لم يكن صباحي او البرادعي بعيدين على اى حال عن الدولة العميقة ، من يؤمن بانه يوجد معارض حقيقي لنظام مبارك من اليساريين لم يتم التنسيق معه يوما ً فهو واهم ، و من يظن الدفعة المفاجئة التى حصل عليها صباحي فى انتخابات الرئاسة من اجل جذب اصوات من الكتلة التصويتية المتضخمة وقتذاك لصالح ابو الفتوح كانت بعيدة عن يد الدولة العميقة فهو واهم .. الرجل معروف لهم منذ زمن ، و تصريحاته عقب فوز مرسي بانه سوف يكون رئيس لمصر فى اقرب وقت ممكن مستندة على كلام قيل له و لا يزال قابل للتنفيذ حتى الان
اما البرادعي فعلاقته بالدولة العميقة موضحة فى كتابي الجمهورية المظلومة ، و يكفى القول انه حتى اليوم لا احد يعرف ماذا دار بينه و بين طنطاوي فى اجتماعهم الاخير ليلة اعلان فوز مرسي
كارت حازم صلاح ابو اسماعيل
كما اهدى الاخوان كارت اليساريين ( صباحي ) و الليبراليين ( البرادعي ) و رجالات معتدلين من النظام السابق ( عمرو موسي ) الى الدولة العميقة ، كان هنالك كارت آخر قدمه الاخوان على طبق من ذهب للدولة العميقة ، حازم صلاح ابو اسماعيل ، و الحقيقة ان كل تحركات حازمون لدي مدينة الانتاج الاعلامي و الهيئات القضائية كان يمكن ضربها و السيطرة عليها ، و لكن الدولة العميقة تركت الحبل على الغارب لحازمون ، من اجل تخويف المجتمع و رجالات الاعلام و القضاء بل و حتى بعض عناصر الدولة العميقة بحقيقة ان هذا التيار يسلك هذا السلوك حيال معارضيه ، اى شخص شارك فى اعتصام العباسية و شارك فى احداث المرحلة الانتقالية مثل محمد محمود يدرك امرين ، ان الشرطة قادرة على فض اعتصام حازمون سواء عند الهيئات القضائية او مدينة الانتاج الاعلامي ، و ثانيا ان السلفيين عموما و حازمون خصوصا اول من يهرول و يغادر اى اشتباكات
لو حمت الدولة العميقة القضاء و الاعلام من حازمون لكان الحادث عارضا ً ، و لكن بعد ان تركوا الحبل على الغارب لهم اصبح هنالك تخوف هستيرى فى المجتمع و بين رجالات الاعلام و القضاء على مستقبل الحريات ، و داخل الداخلية على مستقبل نفوذهم بعد رؤية هذه الجماعات
هكذا تحقق الذعر المنشود
.........
.........
الكروت الاربعة على غلاف كتابي مستقبل مصر .. مجرد كروت تمسكها يد ما
.........
.........
هل الدولة العميقة بهذه القوة ؟
اخبرني انت ما الذى حدث لها منذ قيام الثورة اساسا ً ، من يظن ان 28 يناير كانت ضربة للشرطة واهم ، سبق لمساعد لوزير الداخلية ان شرح فى حوار صحفى ان خطة انسحاب الشرطة و صناعة انفلات امني كانت خطة موجودة لدى الداخلية منذ زمن ، ما ان يموت مبارك حتى يتم تسريح بلطجية الداخلة من اجل حرق الاقسام و اقتحام السجون و تنسحب الشرطة ، يجتمع الحزب الوطني بشكل عاجل و يقرر وسط هذه الفوضى ان يشكل لجنة امنية لاعادة الامن للبلاد بقيادة جمال مبارك ، خلال اسبوع ينهي الرجل الفوضى ، و تخرج تظاهرات مؤيدة له ، و هكذا يتم تمرير مشروع التوريث ( الحوار و مصدره و اسم مساعد وزير الداخلية الاسبق فى كتابي الثورة المصرية الكبري ) .. سبق لصلاح منتصر ان تحدث عن نفس الخطة فى سلسلة مقالات منع جزءها الاخير فى الاهرام و نشرت فى كتاب ، الخطة التى اعدت لتمرير حكم الابن ، استخدمت من اجل انقاذ حكم الاب
صحيح ما جرى فى 28 يناير جزء منه فعله الثوار ، و جزء آخر عصابات ما ان عرفت ان الاقسام ضربت حتى هرولت لاخراج رجالاتها ، و جزء ثالث لاسلاميين ساعدوا فى اخراج رجال حماس و حزب الله و الاخوان من السجون ، و لكن لكل حادث اقتحام مسعى و منفذ ، العمومية و الشمولية فى فهم كل ما جرى فى مصر خلال العامين الماضيين اكبر خطأ ، لكل حادث ممول و منفذ و مسعي و هدف ، حتى لو تشابهت الحوادث
ثم ان الدولة العميقة و هذا هو اهم ما فى الامر تكاد تكون لا تدبر اى شئ تقريبا ً ، الاخوان يريدون احتواء السلفيين و تشن حرب الغاء حيال اليساريين و العلمانيين ، الاخوان يطلقون حازمون على الشعب ، الاخوان ليس لديهم اى حلول حقيقية او وقتية لكل مشاكل المصريين بدء من الزبالة وصولا الى قيمة الجنيه حيال الدولار الامريكي
الاخوان نفضوا ايديهم من اية وعود للثوار ، و يحاولون بشتى الطرق ارضاء بقايا النظام القديم عبر مهرجان البراءة للجميع الجاري ، الاخوان لم يقدموا اى مشروع تنمية حقيقي لبورسعيد او اقليم قناة السويس اللهم بيع الاقليم لدولة قطر
الاخوان هم من يدقون المسمار تلو الاخر فى نعشهم ، تكاد تكون الدولة العميقة مجرد شخص بارع فى اختيار التوقيت المناسب لتسجيل بعض المداخلات البسيطة الشيقة ، على اثرها يجني محصول شبه يومي يكفل له العودة مرة اخرى لسدة الحكم لا على اكتاف صراع خفى على السلطة او صناعة ماهرة للفوضى فحسب ، بل على اكتاف رغبة شعبية و حراك ثورى جارى بالفعل
لماذا سقط خيار الدولة المدنية ؟ و ما المطلوب فى الفترة المقبلة ؟
الفساد لا يسقط بسقوط رأس النظام ، بل بزوال اسبابه ، و الثورة كان يجب ان تكمل ما بعد يوم 11 فبراير 2011 ، و لا يوجد شئ اسمه استراحة ثورية و العودة مرة اخري ، لذا كل حادث سياسي جرى عقب ذلك يعتبر وحدة سياسية قائمة بذاتها ، و لكن و بكل اسف ارى انه كان من المستحيل استكمال العمل الميداني يوم 12 فبراير 2011 ، كان هنالك تململ شعبي ، و دخلاء دخلوا الميدان و سرقوه يوم 11 فبراير 2011 عقب التنحي ، سواء المحتفلين الذين نزلوا و قالوا بكل فجر و جرأة للمعتصمين كنا معكم فى الميدان منذ 25 يناير ، او سلسلة التحرشات الجنسية التى ظهرت يومذاك بعد ان كان الميدان يلا تحرشات طيلة 18 يوم
كان يجب وقتذاك ان يتفاوض من نصب نفسه باسم الثوار على ضمانات للقضاء على الفساد ، و لكن المتحدثين الاعلاميين باسم الميدان ، و المهرولين لمجالسة العسكر ، و من خلفهم جحافل الثوار ، سيقوا الى العاب غبية ، نتيجة لجهلهم السياسي ، و لان البعض كان يريد مكاسب فورية و شخصية عاجلة ، و كان للمداخلات الاجنبية دور ايضاً ، و كانت النتيجة ان الثورة دخلت صراع علماني اسلامي ، ثم صراع الدستور اولا و الانتخابات اولا ، ثم يسقط يسقط حكم العسكر بالتزامن مع الصراع مع الاسلاميين.. الخ الخ من السيناريو الممل الذى رأيناه على مدار عامين ، و ان ظلت العلامة البارزة فى المرحلة الانتقالية هو قيام التيار الاسلامي بفرملة اى تحرك ثورى حقيقي حيال الدولة العميقة التى تتلذذ اليوم بالتهام كعكة حكمهم قطعة قطعة
الدولة العميقة لا تسقط بازمة رأس النظام ، الدولة العميقة لا تسقط بمحاولات الاخونة و دس رجالات من تيار ما داخل المنظومة ، الدولة العميقة تسقط بتيار ليبرالى وطني ، و ثورة لديها القدرة على تهديد الاذرعة العسكرية للدولة العميقة
و لانه ليس لدينا تيار ليبرالى وطني ، فالكل مخترق ، و الكل تعامل تارة مع الدولة العميقة ، و الامريكان ، او كلاهما ، و لانه يستحيل فى ظرف دولى مثل هذا ان تشن ثورة حقيقية على الدولة العميقة ، لاننا لن نفعل اى شئ الا تكرار السيناريو الليبى و السورى المشوه ، و نفتح الباب للتدخل العسكري داخل مصر ، و الاهم انه لن يكون هنالك بديل عن الدولة البوليسية العسكرية المخابراتية العميقة الا الدولة الاخوانية الاسلامية السلفية العميقة ، بالاحرى تظل الدولة العميقة هى الحاجز الحقيقي و الاخير امام تكرار نموذج افغانستان او ايران فى مصر ، و صدقا ً ما سوف يحدث فى مصر على يد الاسلاميين سوف يجعل ما حدث فى افغانستان و ايران مجرد نزهة خلوية للحريات ، الاسلاميين المصريين العن من اسلاميو ايران او كوكتيل الاسلاميين الذى فعلها يوما فى افغانستان
فى اعتقادي ان سقوط مرسي و الحكم المدني اصبح مسألة وقت ، و فى ظل الفوضى الاقتصادية و الامنية و السياسية التى صنعها غباء الاخوان و مباركة الدولة العميقة ، سوف يؤول الحكم الى الدولة العميقة مجددا ً ، اما جنرال عسكري بشكل مباشر ، او يتم استخدام احدى رجالات الحقل السياسي لواجهة سياسية لحكم الدولة العميقة
اذن هل نستسلم ؟
عام 2007 كتبت مقال بعنوان الاستربتيز الدستورى بمناسبة التعديلات الدستورية المقررة وقتذاك ، و قلت فيه بالنص ان اسقاط الفساد لن يتم بتغيير رأس النظام بل بتغيير قاعدة النظام ، التغيير من اسفل لا من اعلى ، الثورة التى سوف تنجح هى التى تهتم باصلاح التعليم و انهاء البطالة و التدني الاخلاقى الذى ادى الى انتشار الفساد
و مرت الايام و جاء يناير 2011 و نجحت الثورة فى اسقاط رأس النظام بل و كافة وزرائه و رؤساء وزرائه دخلوا المعتقلات و يتم قصقصة ثرواتهم المالية كل فترة ، و مع ذلك بقيت المنظومة
بقيت المنظومة لان القائمين على فساد التعليم و الاقتصاد و الاخلاق و العمل لم تتغير نفوسهم ، و لم تتغير شخصياتهم ، التغيير هو ان يبدأ كل فرد فى ان يصنع بنفسه و لنفسه التغيير الذى يريده ، و ان نتكاتف سويا ً فى حلقات من اجل صناعة هذا النوع من التغيير ، و ان ندفع الدولة العميقة الى اصلاحات فى مجال الصناعة و التجارة و التعليم ، و قد شرحت مقترحي هذا كاملا فى كتاب الجمهورية المظلومة ( 2010 ) قبل الثورة و فى مستقبل مصر ( 2013 ) بعد الثورة
اما التغيير من الشارع ، فاعتقد انه يجب ان ندخل فترة بيات ثورى خمس سنوات على الاقل ، لانه اى تحرك ثورى اليوم يتم اختراقه ، او تطويعه ، سواء من الدولة العميقة او التيار الاسلامي ، نجاح يناير 2011 سببه انه كان مفاجئ للاثنين و للجميع ، و لكن اليوم الكروت الثورية محروقة ، بحاجة الى وقت لكى تلتئم جروح ميدان التحرير ، و تلتئم جروح التغيير ، تلك التى كانت يجب ان تحدث ، او التى حدثت عن طريق الخطأ ، و بحاجة الى ان نعطى الفرصة لقائمين على الاقتصاد و الامن من اجل لملمة المشهد
و الايام وحدها قادرة على تأكيد صحة الكثير مما ذكر فى السطور السابقة .. و لا ازيد