مستعمرة النمل : حقائق و عجائب و غرائب لا تعرفها

مستعمرة النمل بيبقى فيها نملة واحدة فقط قادرة على التكاثر (الملكة)، وباقي النمل كله مجرد أداة مباشرة وغير مباشرة لتسهيل المهمة دي.

في كل سنة قبل وقت التكاثر، المستعمرة بتجهز شوية ذكور وشوية إناث (نمل بأجنحة وبيطير)، وأول ما يبدأ موسم التكاثر (كل نوع من النمل بيحدده بظاهرة مناخية معينة)، بتبدا رحلات الطيرات التزاوجية. الإناث بتطير بأسرع ما يمكن، والذكور بتجري وراها، والأسرع إللي بيلحقها بيلقحها، وممكن تاخد حيوانات منوية من كذا ذكر. بمجرد ما يتم تلقيح الأنثى، بيموت الذكر لأنه بيبقى عديم القيمة. والأنثى بتخزن الحيوانات المنوية جواها، وبتسخدمها لباقي حياتها (إللي ممكن توصل ل 20 سنة). بعض أنواع النمل مافيش عندها ذكور أصلا (بتوفر خطوة)، والأنثى بتقدر تتكاثر من نفسها.

بعد كدة كل أنثى بتدور على مكان، وتحفر فيه (حسب نوع النمل)، وتفقد أجنحتها، وتبدأ تبيض نمل كتير (شغالات، حراس، منظفين، مرشدين، ...)، وتبدأ مستعمرة جديدة. الأنثى بتتحول لملكة شغلانتها فقط التكاثر، ووظيفة النمل كله إللي بتبيضه هو خدمة عملية التكاثر دي (توفير الطعام، التنظيف، الدفاع، رعاية النسل، ...)، باستثناء جزء صغير من الإناث والذكور إللي بيتم إعدادهم قبل موسم التكاثر.

النمل الكتير ده بأنواعه، مجرد ألات بيولوجية بسيطة، متبرمجة جينيا وبيئيا على اتباع قواعد شديدة البساطة. مجموع تطبيق القواعد دي على النمل كله، بيدينا الشكل الاجتماعي المعقد بتاع مستعمرة النمل.

من وجهة نظر التطور والانتقاء الطبيعي (انتقاء الجينات)، مافيش غير الملكات والذكور إللي بتتعمل قبل موسم التكاثر، وباقي النمل ده كله مجرد وسائل بقاء زيها زي كرات الدم البيضاء عندك. يعني لو هنتخيل ميكانيزمات شبيهة على البشر، هتبقى الأنثى أول ما بتتولد بتدور على ذكر يلقحها وبعد كدة يموت من نفسه، وتبدأ هي مع نفسها تعمل نسخ customizable من نفسها، تخدمها وتأكلها وترعى نسلها وتحميها وهي قاعدة زي الباشا، والنسخ دي تموت عادي بدون اي تكاثر.

النمل من أنجح الكائنات على الأرض، ومن أكثرها انتشارًا، ومن أكثرها إثارة للاهتمام والعجب في رأيي. وأعجب شيء فيه هو قدرته على عمل أشياء قمة في التعقيد (شوف أعشاش النمل الأبيض العملاقة، وبعض النمل بيمارس الزراعة، العوم الجماعي، صيد حشرات عملاقة أو حتى سحالي، ...)، بيعمل كل ده باتباع قواعد شديدة البساطة، وبجهاز عصبي أبسط ما يمكن!