سنة ٢٠٠٢ حصل إن ٥٠ مسلح شيشاني اقتحموا مسرح كبير في موسكو، وخدوا ٨٥٠ واحد وواحدة رهاين جوه المسرح. بوتين ضرب غاز مجهول من فتحات التهوية، وبعديها القوات الخاصة اقتحمت المسرح وخلصت الموضوع بطريقة ممكن البعض يشوفها مأساوية (قتل ٤٠ من المسلحين، و١٣٠ من الرهاين كان منهم أجانب!) وممكن البعض يشوفها سليمة وبتردع تكرار هذا النوع من الحوادث وبالتالي بتحافظ على أرواح أكتر في المستقبل.
بعيداً عن السياق الروسي، وظروفه الخاصة وقت حدوث الحادثة دي، وإن بوتين كان رئيس جديد نسبياً ساعتها وبيعزز شرعيته الخاصة كرجل قوي بعد يلتسين الضعيف... بعيداً عن كل ده، إيه اللي بيخلي دولة ترفض ترضخ للإرهاب ودولة تانية تبقى رخوة قدامه ومتساهلة؟
السبب هو نوع الشرعية اللي نظام الحكم عايز يرسخها. ونوع الشرعية ده بيتحدد بناء على طبيعة التحالف اللي نظام الحكم بيحكم استناداً إليه.
بكلمات أخري أوضح، التحالف الاجتماعي/الظهير الشعبي/قاعدة القوة الشعبية، اللي الإخوان مستندة إليه في الحكم هو تحالف في غالبيتة يضم إسلاميين، ناس مقتنعة بشكل عام ودرجات متفاوتة إن سبب مشاكل مصر هو بعدها عن الله والدين، وإن مصر والإسلام ضحية مؤامرات لا تنتهي من قوى الشر الأمريكية والصهيونية، وإن أمريكا فبركت موضوع ٩/١١ عشان تحارب بيه الإسلام، وإن أسامة بن لادن مسلم اجتهد فأخطأ وله أجر (ده في أفضل الأحوال أخطأ، فيه ناس بتقول ما أخطأش أصلاً)، وإن الإرهاب كلمة غربية مقصود بها الهيمنة ومسح الدماغ وتشويه سمعة الجهاد، وإن الإرهابي ده راجل مسلم ومجاهد في الآخر مهما عمل.
نظام الحكم اللي دي قاعدته الشعبية، اللي ده رصيده الاستراتيجي اللي مقوّم عليه نظامه كله، اللي دي قاعدة قوته اللي بتحميه وهتحميه وقت الخطر، مش ممكن هذا النظام - إلا تحت ضغوط قهرية - أن يستفز قاعدة قوته الشعبية بسياسة صارمة وحازمة ضد "الإرهاب" المزعوم سواء في سيناء أو في غيرها، لإنه هيكون بيغامر بتماسك هذه القاعدة الشعبية وهذا الخط الأيديولوجي أمام الشكوك التي تثيرها قوى المعارضة في مدى نقاءه الإسلامي. وبالتالي يفضل أن يخسر القطاعات من الشعب اللي هي مش معاه أصلاً (اللي عايزين دولة مواطنين مش أهل وعشيرة ورافضينه رفض مبدئي على خلفية هوياتية) على أن يخسر أو يشرخ تماسك قطاعاته المؤثرة والفاعلة والتي تريده أن ينصر الإسلام وتبيح كلها في سريرة أنفسها قتل الذين يعيشون في الجاهلية زي بتوع الجيش والشرطة وحليقي الذقون وسافرات الرؤوس إن لم يستتابوا.
ببساطة نوع الشرعية اللي بيجري العمل على ترسيخها لا تتضمن أن تكون مصر "دولة" كباقي الدول وتتخلص - أو تحاول أن تتخلص - من منطق القبائل وتبويس اللحى والمفاوضات بين الدولة وكل جماعة وطائفة، هي بالعكس من ذلك شرعية تقليدية قائمة على العادات والتقاليد والأعراف والمساومات والابتزازات والرطانة الشعاراتية الدينية الشكلية كما يريدها دراويش الإخوان والإسلاميين، ويتصور الإخوان أنهم هكذا سيصبحون قادرين على أن يصبحوا طائفة فوق الطوائف مثلما كانت الدولة المصرية تاريخياً تعلو فوق الجماعات والطبقات والطوائف المجتمعية، متغافلين عن إن قدرة الدولة على لعب الدور ده ارتبطت دايماً بحيادها الأيديولوجي وقبول مراكز القوى المجتمعية لها كحكم محايد وعادل، وهو ما لا ولن يتوفر في الإخوان.
بعيداً عن السياق الروسي، وظروفه الخاصة وقت حدوث الحادثة دي، وإن بوتين كان رئيس جديد نسبياً ساعتها وبيعزز شرعيته الخاصة كرجل قوي بعد يلتسين الضعيف... بعيداً عن كل ده، إيه اللي بيخلي دولة ترفض ترضخ للإرهاب ودولة تانية تبقى رخوة قدامه ومتساهلة؟
السبب هو نوع الشرعية اللي نظام الحكم عايز يرسخها. ونوع الشرعية ده بيتحدد بناء على طبيعة التحالف اللي نظام الحكم بيحكم استناداً إليه.
بكلمات أخري أوضح، التحالف الاجتماعي/الظهير الشعبي/قاعدة القوة الشعبية، اللي الإخوان مستندة إليه في الحكم هو تحالف في غالبيتة يضم إسلاميين، ناس مقتنعة بشكل عام ودرجات متفاوتة إن سبب مشاكل مصر هو بعدها عن الله والدين، وإن مصر والإسلام ضحية مؤامرات لا تنتهي من قوى الشر الأمريكية والصهيونية، وإن أمريكا فبركت موضوع ٩/١١ عشان تحارب بيه الإسلام، وإن أسامة بن لادن مسلم اجتهد فأخطأ وله أجر (ده في أفضل الأحوال أخطأ، فيه ناس بتقول ما أخطأش أصلاً)، وإن الإرهاب كلمة غربية مقصود بها الهيمنة ومسح الدماغ وتشويه سمعة الجهاد، وإن الإرهابي ده راجل مسلم ومجاهد في الآخر مهما عمل.
نظام الحكم اللي دي قاعدته الشعبية، اللي ده رصيده الاستراتيجي اللي مقوّم عليه نظامه كله، اللي دي قاعدة قوته اللي بتحميه وهتحميه وقت الخطر، مش ممكن هذا النظام - إلا تحت ضغوط قهرية - أن يستفز قاعدة قوته الشعبية بسياسة صارمة وحازمة ضد "الإرهاب" المزعوم سواء في سيناء أو في غيرها، لإنه هيكون بيغامر بتماسك هذه القاعدة الشعبية وهذا الخط الأيديولوجي أمام الشكوك التي تثيرها قوى المعارضة في مدى نقاءه الإسلامي. وبالتالي يفضل أن يخسر القطاعات من الشعب اللي هي مش معاه أصلاً (اللي عايزين دولة مواطنين مش أهل وعشيرة ورافضينه رفض مبدئي على خلفية هوياتية) على أن يخسر أو يشرخ تماسك قطاعاته المؤثرة والفاعلة والتي تريده أن ينصر الإسلام وتبيح كلها في سريرة أنفسها قتل الذين يعيشون في الجاهلية زي بتوع الجيش والشرطة وحليقي الذقون وسافرات الرؤوس إن لم يستتابوا.
ببساطة نوع الشرعية اللي بيجري العمل على ترسيخها لا تتضمن أن تكون مصر "دولة" كباقي الدول وتتخلص - أو تحاول أن تتخلص - من منطق القبائل وتبويس اللحى والمفاوضات بين الدولة وكل جماعة وطائفة، هي بالعكس من ذلك شرعية تقليدية قائمة على العادات والتقاليد والأعراف والمساومات والابتزازات والرطانة الشعاراتية الدينية الشكلية كما يريدها دراويش الإخوان والإسلاميين، ويتصور الإخوان أنهم هكذا سيصبحون قادرين على أن يصبحوا طائفة فوق الطوائف مثلما كانت الدولة المصرية تاريخياً تعلو فوق الجماعات والطبقات والطوائف المجتمعية، متغافلين عن إن قدرة الدولة على لعب الدور ده ارتبطت دايماً بحيادها الأيديولوجي وقبول مراكز القوى المجتمعية لها كحكم محايد وعادل، وهو ما لا ولن يتوفر في الإخوان.