حزب النور .. صنع فى امريكا

لعل اسوأ ما فى قضية التمويل ، ان الناس فى مصر تتهم دائماً اى طرف معارض لفكرها بالتمويل ، حكومياً و شعبياً يجرى هذا الامر ، و حتى حينما حاول البعض تعزيز كلامه بوثائق ، ظننا ان الوثيقة هي صورة من منتدي شحيبر ، او مدونة شحرور القرنفلى ، او حتى اى موقع باللغة الانجليزية على اعتبار ان الخواجات لا يكذبون ابداً و يعرفون كل شئ
اذا تحدثت الحكومات عن تمويل 6 ابريل فالامر تصفية حسابات ، احذف 6 ابريل من تصريحات اللواء حسن الرويني و ضع الاخوان لوجدت كل من عارض تصريحاته يصفق له طرباً و سعادة ، هذه حقيقة ، و لكن على كل حال ما جرى فى فبراير 2012 لم يكن تصريحاً حكومياً ، و لا وثيقة من منتدي لك يا سيدتي ، و لكن ما جرى بكل بساطة ان واحداً من اهلها شهد ، و استرسل فى حديثه فى سعادة لا يختلف عليها اثنين !
يوم 8 فبراير 2012 ، بثت وكالة رويترز البريطانية للانباء البرقية الاخبارية التالية بعنوان "قيادي سلفي يرى أن الجيش المصري يحتاج لوقت لتسليم السلطة" ، البرقية فى مجملها لقاء صحفى مع عماد عبد الغفور رئيس حزب النور ، الرجل قال ان حزب النور تلقى تدريبات و حضر لقاءات نظمها المعهد الديموقراطي الامريكي ، لو كان قائل هذه الجملة المنسق العام لحركة 6 ابريل او واحد من قادة منظمة الاشتراكيين الثوريين او حركة شباب من اجل العدالة والحرية ( الحركة التى ينتمي اليها الشهيد مينا دانيال لمن لا يعرفها ) ، اتساءل عن ردود الافعال هنا ، الم تكن الصحف الحكومية قبل الحزبية و الخاصة قد انقلبت رأساً على عقب حيالهم ، و وجدنا واحداً من المحاميين المستداميين فى هذه الاحوال يقدم البلاغ العتيق ضد الحركة ؟
اعلام التيار الاسلامي تحديداً متحالف بشدة مع الاعلام الحكومي فى تسديد اتهامات العمالة الى الجميع تقريباً ، ونادراً ما تحدث طرف منهم بوثائق ، حتى وثائق ويكليكس نسبوا اليها ما لم يكن موجوداً ، و حينما قرأوا اسماء معينة فى الوثائق حرفوها الى ما يريدون ، ولكن على ما يبدو ان الامور تجرى حسب المقولة الشهيرة "يكاد المريب يقول خذوني" .. يتحدثون مراراً عن التدريب الاجنبي و التمويل الاجنبي و التعامل مع مؤسسات حكومية غربية ، ثم تجدهم يهرولون الى هذا الامر.
المثير فى ما يجري اننا نتحدث عن فعل جرى عام 2011 ، لا نتحدث عن فعل جرى قبل 25 يناير 2011 ، اى انهم وبالتزامن مع اتهامهم لحركات و تنظيمات و احزاب واشخاص بالتعامل مع منظمات امريكية ، كانوا هم الغارقين حتى النخاع فى التعاملات مع هذه المنظمات.
وكالة الانباء الفرنسية اهتمت بالامر ، و بثت تقريراً عن "تعامل السلفيين و الاخوان مع المنظمات الامريكية" بتاريخ 8 فبراير 2012 ، التقرير نشرته جريدة القدس العربي بتاريخ 10 فبراير 2012 بعنوان "الجمعيات الاميركية المتهمة في مصر تؤكد استقلاليتها: قمنا بتدريب الاف بينهم مئات من 'الاخوان' والسلفيين"، نقرأ من التقرير :

واشنطن - ا ف ب: اكدت جمعيات اميركية ملاحقة امام القضاء في مصر بتهمة التدخل 'السياسي' في شؤون البلاد استقلاليتها عن الحكومة الاميركية التي تمولها الى حد كبير.
وقالت مديرة المعهد الديموقراطي في شمال افريقيا باري فريمن في مقابلة مع فرانس برس 'دربنا الاف المرشحين، والمئات منهم من السلفيين او جماعة الاخوان المسلمين. نحن لا نفضل اي حزب ولا نمول اي ثورة'، حيث داهمت السلطات المصرية مقر الجمعية في اواخر ديسمبر.
ومنذاك توترت العلاقات بين الولايات المتحدة والسلطة العسكرية في مصر حيث هددت واشنطن باحتمال وقف مساعداتها البالغة 1,3 مليارات دولار سنويا.
وقال تشارلز دان المسؤول عن قسم الشرق الاوسط وشمال افريقيا في منظمة فريدوم هاوس التي تلاحقها السلطات المصرية ايضا ان اتهامات السلطة العسكرية 'غير معقولة' ولا ترمي الا الى 'اخضاع المجتمع المدني'.
واكد ان فريدوم هاوس لا تقدم اكثر من 'التربية المدنية'.
وقال فريمن ان المعهد الديموقراطي الوطني 'ارسل افرادا الى مصر شهدوا عملية انتقالية (ديموقراطية) في بلادهم. كما درب مراقبي انتخابات' استعدادا للانتخابات التشريعية الاخيرة.
.........
.........
ماذا عن المعهد الديموقراطي الذى تحدث عنه رئيس حزب النور ؟؟
فى كتابي الثورة المصرية الكبري ، هنالك فصل كامل عن هذه المنظمات ، يعتبر قاموس تعريفي بتاريخهم من جهة ، و بعلاقتهم مع التيارات الاسلامية و العلمانية على حد سواء، من الصفحة 38 نقرا التعريف التالى عن المعهد الديموقراطي :

المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية ( NDI )
 National Democratic Institute for International Affairs : يرأس المعهد وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت، و السيدة أولبرايت ضيفة دائمة على الشرق الأوسط منذ 2001 عقب بضعة ساعات من خروجها من البيت الأبيض، و أجتمعت مراراً مع النشطاء المصريين و زعماء الأحزاب و المجتمع المدنى المصري، يضم مجلس إدارة هذا المعهد :
·        سوزان رايس : مندوبة الولايات المتحدة الحالية فى مجلس الأمن .
·        ارسكن بولس : كبير موظفى البيت الأبيض بين يناير 1997 و اكتوبر 1998.
·   جيرالدين فيرارو : اول سيدة تترشح لمنصب نائب الرئيس عبر الحزب الديموقراطي فى الأنتخابات الرئاسية فى نوفمبر 1984.
·
والتر مونديال : نائب الرئيس الأمريكي الأسبق جيمى كارتر فى الفترة ما
بين 20 يناير 1977 و 20 يناير 1981، السفير الأمريكي باليابان ما بين عامي 1993 و1996، مرشح الحزب الديموقراطي للرئاسة الأمريكية عام 1984،
و مرشح الحزب لمنصب نائب الرئيس فى انتخابات 1980.
·   موريس تيمبلسمان: رجل أعمال بلجيكي الأصل، ترددت أقاويل عن أرتباطه بعلاقة غير شرعية مع جاكلين كينيدي بعد وفاة زوجها الملياردير الشهير.
·        نيكولاس اندرو راي : السفير الأمريكي السابق فى بولندا.
·        جوديث ماكهيل : وكيلة وزارة الخارجية الحالية لشئون الدبلوماسية و العلاقات العامة ( حالياً ) .
·        هوارد كوه: المستشار القانونى الحالى لوزارة الخاريجة الأمريكية.
اما مجلس المستشارين الخاص بالمعهد فيضم مايكل دوكاكس مرشح الحزب الديموقراطي لانتخابات الرئاسة عام 1988.
السؤال هنا ، حشد من كبار ساسة امريكا يحتشدون بهذا الشكل ، هل ترى ان الامر عادياً و انك امام مجرد معهد لتدريب النشطاء السلفيين و الاخوان و الليبراليين على الف باء مجلس الشعب ؟؟
.........
.........
بقى ان نقول ان المعهد الديموقراطي و المعهد الجمهوري و عدد آخر من المعاهد التى تحاكم اليوم امام القضاء المصري تتلقى تمويلها من الحكومة الامريكية ، صفحة 35 من نفس الكتاب :

فى عام 1982 القى الرئيس رونالد ريجان خطاباً أمام البرلمان البريطاني في وستمنستر الذي اقترح تأسيس صندوق يديره الغرب لمساعدة البلدان على بناء البنية التحتية للديمقراطية.
أدى خطاب وستمنستر لإنشاء ما يعرف اليوم بــ الصندوق الوطني للديمقراطية من قبل الكونجرس الأمريكي في 1983.
The National Endowment for Democracy ( NED )
و مهمة الصندوق هو إدارة آلية تحويل مبالغ مليونية من الحكومة الأمريكية الى أربعة معاهد سياسية فى واشنطن تقوم بدعم الديموقراطيات الناشئة أو محاولات صنعها، وهذه المعاهد هي المعهد الجمهوري الدولي، المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية ، المركز الامريكي للتضامن العمالي الدولي ، مركز المشروعات الدولية الخاصة بالأضافة الى عدداً من الحركات الأخري.
.........
.........
خلال ابريل 2011 ، انفجرت الصحف المصرية بخبر كشف جريدة نيويورك تايمز عن تمويل امريكا لـــ 6 ابريل ، نادراً ما تجد جريدة واحدة تقرر العودة الى النص الاصلى و ان تلتزم بالترجمة الحرفية احتراماً للقارئ ، ص 34 من نفس الكتاب بها نصوص من المقال تشير الى ان المقال تحدث عن 6 ابريل و آخرين ( اعتقد انه اصبح واضحاً اليوم من هم ) تلقوا هذا التدريب و التمويل ، ليست 6 ابريل وحدها ، الطريف ان 6 ابريل عقب نشر المقال اكدوا انهم سوف يثأرون لهذه الاهانة و سوف يرفعون قضية ضد نيويورك تايمز و الان و بعد مرور قرابة العام كان واضحاً ان اعلان رفع القضية ما هو الا محاولة للتغطية على المقال و الايحاء بانه كاذب
المقال حدد بالاسم معهدين قاموا بمباشرة التدريب و التمويل ، المعهد الديموقراطي ( الذى اعلن رئيس حزب السلفيين انهم تدربوا فيه ، و استغرب ان يكون المعهد ذو نشاط معادي للدولة بل و اكد ان هذه المعاهد اثرت الحياة السياسية المصرية ) و المعهد الجمهوري .
.........
.........
نحن نتحدث عن تدريبات تلقاها ناس ترشحت للبرلمان ، من جميع الاحزاب و منهم السلفيين و الاخوان ، كما ان مراقبي الانتخابات تم تدريبهم امريكياً كذلك ! .
لذا ، اما ان نعتبر هذه التدريبات و اللقاءات عمالة و خيانة ، وهنا نعتبر الجميع بلا استثناء غارقاً فى هذا المستنقع ( و انا مع هذا الرأي من قبل 25 يناير 2011 لانه لا يوجد اى عذر او سبب سوى فطري يجعلني اتدرب مع امريكا زعيمة الصهيونية و الامبريالية و الرأسمالية المتوحشة و ان اظن انني هكذا افعل شئياً ضد مصلحة الوطن او لصالحه ) او ان نعتبر ان هذه اللقاءات و التدريبات امور عادية و بالتالى تتوقف عن اتهام اى فرد يفعلها بالعمالة
و لكن ان نتهم جهة وحدها بالعمالة ، بينما باقى الجهات غارقة فى العمالة فهذا هو الشذوذ بعينه ، اما ان الكل ابرياء .. او عملاء .