الحل هو القمع، فإن فشل القمع، فالحل هو المزيد من القمع

على نحو عام، هذه وصفة تاريخية معروفة وناجحة لحد كبير، حتى فى كبح الحروب الأهلية فى بلاد الفسيفساء العرقى البربرى كقبائل صدام خروف العيد، وإن كانت قد تنفجر بعد فترة طويلة ما، مثل ستالين أو ريجيم فشار الجرذ وأبيه.

 فى مصر تلك وصفة العمر والتاريخ، وبلا أدنى مشاكل مطلقا. لماذا؟ هذا شعب نقى عرقيا، شعب مستعد للكدح والاهتمام -والاهتمام فقط- بلقمة عيشه، مثلما هو يعرف قادته ويميزهم من القلب للقلب (كما يفعل مع قادة جيش حورس الآن). هو يحبهم ويخلص لهم ولا يتمرد أبدا عليهم، حتى لو وصل الأمر لحد المجاعة، ذلك لثقته المطلقة أن هؤلاء يبذلون أقصى ما فى وسعهم، هذا بخلاف الكثير من قيم الصبر والإيمان بإرادة الآلهة وما شابه.

 شعب طيب محترم تعود النظر للنابغين من أبنائه نظرة إجلال وفخر، ولم يفكر قط -بل يزدرى مجرد الفكرة- أن يقوده واحد مننا، إنما يريد تحديدا واحدا منهم، أى من الآلهة. دائما أبدا، المشكلة تكمن فى أمر واحد: الأقلية العربية. على مر كامل التاريخ الحديث، الغالبية الساحقة من الساسة والإعلاميين والنوشتاء (معظم أهل الكلام، وكل أهل التحريض)، هم من تلك الأقلية. كل أطراف المدن -أو ما يسمى بالعشوائيات- هم أولئك الطفيليات العربية.

على كافة حدود الوادى ستجد كلمة عرب كذا، عرب كذا، فى محيط القاهرة الكبرى نفسها، كل حى له عزبة العرب الخاصة به، والتى تحمل اسمه. الغالبية الساحقة من هؤلاء هم من يسمون لدى الشرطة بالمسجلين خطرا. وبما أنهم عرب فهم يعرفون أنهم عرب، ومن ثم يعرفون كل العرب. من هنا، بالنسبة لهم عصابة الإخوان هى الكعب العالى. هى الفئة العربية الوحيدة التى وصلت لوظيفة أساتذة الجائعات (بغض النظر عن كيف وصلوا، وكلنا نعرف كيف وصلوا رغم مستواهم العلمى الصفرى)، بل ووصلت لمستوى عضوية برلمان البلاد، ثم ما هو أبعد -ولو صوريا- لاحقا.

هذا يطابق ما تقوله أنت عن يوم 28 يناير، فتلك الحفنة التافهة من شباب الطبقة الوسطى (30 ألفا من بين أنداد 30 مليونا، تحديدا هم أصلا أولئك المغرر بهم بواسطة إعلام الأقلية العربية نفسها)، إن أولئك -الحفنة- لم تكن لتنجز أى شىء، لولا استدعاء هؤلاء -الأقلية- للعنف الذى تملك تاريخيا بعضا منه. بل هذا الاستدعاء ما كان بدروه لينجح، لولا تناغمه مع تخاذل الفرعون الواهن، ورفيق عمره ورؤاه الخائبة عمر سليمان (الصدر الحنون لعصابة الإخوان بتسميته الذاتية لنفسه)، ممن كبلا إرادة القتل المتوقدة لدى الشرطة فى التهرير، فوقع ما وقع (ناهيك عن عدم وجود إرادة نيران أصلا لدى الجيش، والذى احتاج لعامين ونصف من التجارب والعبر والتدريبات عسيرة المخاض جدا، إلى أن اكتسبها مؤخرا جدا فقط). بناء عليه، أنا أرجع الانفلات الأمنى الواسع فى العامين ونصف الأخيرة، للمعنويات المرتفعة للمسجلين خطرا، ذلك لدى رؤيتهم لعصابة الإخوان حرة طليقة ومتصدرة للمشهد. بمجرد القضاء على عصابة الإخوان، سيذهب الكل للجحور أو لصحارى البلدان المجاورة. سيتحقق الاستتباب المطلق للأمن، وبأفضل بكثير مما كان قبل 25 يناير الأسود، أى أيام الفرعون الضعيف المتهاون فى حق نفسه وحق شعبه. ذلك أن 25 يناير لم تكن حركة تاريخ، إنما وقفة عابرة منه لتصحيح ما فاته من حقيقة أن الحل هو القمع، فإن فشل القمع، فالحل هو المزيد من القمع. ساعتها، لن يكون للجيش أو لأية سلطة مصرية الحاجة لأى قمع، فالمصريون لا يحتاجون لقمع أبدا؛ هم فقط يجتاجون لحماية المؤسسة الأمنية، من أجل حرية ممارستهم لحياتهم الاقتصادية. باستئصال الأقلية العربية، أو قمعها قمعا شديدا، سيكون الفصل قد تم بين معضلتى الأمن والجوع. هنا يبدأ مفتاح كل شىء. إنه سيضمن أن الشعب (ومرة أخرى أقصد به المصريون، الغالبية الكاسحة من قاطنى مصر، وكل قاطنيها حال استئصال الأقلية العربية)، لن يمر بأية قلاقل، ويبدأ بناء بلده من جديد، وهو سبيل معروف ومارسه المرة تلو المرة.

 تصورى هنا أن الجيش سيطيح بكل الطاقم اليسارى الإجرامى المتطرطر للمناصب الآن. وبمعونة مؤقتة من موارد الجيش البشرية والمادية، وببعض الدعم الخارجى، سيبدأ بنفسه -أى الجيش- فى صيرورة تخلص تدريجى من السياسات الاشتراكية الموروثة من الستينيات، وصولا إلى اقتصاد مطلق الحرية، تتحقق فيه الرفاه لكل الشعب، إلا طبعا سقط المتاع العادى الذى يفرزه الأيض الحضارى طوال الوقت.