30 يونيو ، وسط حالة من الجنون السياسي ، جميع الاطراف تصرخ وتتوعد، و الشارع بدأ المعركة بالفعل منذ اسبوع ، و اصبح لازما ً وسط هذا الصراخ ، ان يحدد كلا ً منا موقعه فى تلك "المعركة" ، و ان نحدد جميعا ً طبيعة ما فات ، و حقيقة ما هو قادم
فمن يظن انه حال خلع العشيرة الاخوانية بثورة شعبية او بنزول الجيش فأن هذا سوف يؤدى الى تكرار سيناريو ما بعد 11 فبراير 2011 هو واهم ، و يعيش حسابات و حالات سياسية و ثورية اصبحت جزءا ً من التاريخ ، و من يظن ان سبوبة الائتلافات عائدة ، و بزنس الاحزاب و الحوار الوطني و الحضن الدافئ للمجلس العسكري و كل مصادر الرزق القذرة التى ارتزق منها جوقة ممن نصبهم الاعلام متحدثين باسم الثورة ، كل هذا
الهراء لن يتكرر ..
ايضا ً .. من يظن ان سقوط اللامشروع الاسلامي ، يعني ضربة البداية لمشروع ثورى او ديموقراطي او علماني .. لم ينتبه بعد الى ان كافة تلك المسارت توحدت و على يديه مع مسار مشروع الارهابيين الساقط ، و انهم جمعيا ً فشلوا فى ادارة ميدان التحرير خلال المرحلة الانتقالية ، و فشلوا فى انتخابات مجلس الشعب و انتخابات مجلس الشوري ، و انتخابات الرئاسة ، و بروتكولات مؤتمر فيرمونت ، و موقعة عاصرى اللمون ، ثم فشلوا فى ان يكونوا معارضة حقيقية للفاشستية التى تحكم مصر الان
من لم ينتبه الى ان مشروعه العلماني الليبرالى الديموقراطي هو الجسر الذهبي للفاشية الدينية هو واهم ، لا تزال قطعة اللمون اياها تقطر فوق رأسه ..
و من يراهن من هذا المعسكر على ان الناس فى صفه هو واهم ، فالمصريين الذين نزلوا الى الثورة فى يناير و فبراير 2011 ، لم يفعلوا ذلك نصرة للمشروع الارهابي ، او نصرا ً للديموقراطية او لقيم علمانية ، بل بحثا ً عن "العيش الكريم المشترك" ، و لم يكن عنادهم لخروج مبارك عن المشهد السياسي الا معرفة تامة منهم ان الرجل لن يقدم لهم هذه المطالب ، و لم يكن صراخهم لاحقاً بسقوط العسكر طلبا ً لدولة مدنية و صراخا ً ايدولوجيا ً بقدر ما كان صراخا ً فى وجه المشير و الفريق عقب الادارة المخيبة للآمال للمرحلة الانتقالية ..
و مطلب العيش الكريم المشترك هو مجموعة من المطالب الاقتصادية و الاجتماعية ، لا علاقة لها بحرية تأسيس الاحزاب و تداول السلطة و ضرب الدولة العميقة و الدستور العلماني الاصيل أو حتى دقون مزيفة و خطاب ديني فارغ و دعارة سياسية و عهر فكري باسم الدين ، بل عبارة عن شارع آمن ، و وظيفة محترمة ، و حياة كريمة و لو فى حدها الادني ، و اقتصاد يمد يده للفقير و لا يحارب الغني ..
بالطبع و كما كتبت مرارا ً .. كانت تلك المطالب محل احتقار النخب، التى و يا للدهشة جمعيهم تقريبا ً اتوا من الازقة و قاع المجتمع و لا عيب فى ذلك ، و لكن المال الذى هدر فى جيوهم ، انساهم مشاكل اهلهم ، و اصبح من يتحدث عن سعيه لبنية تحتية افضل ، او الامن ، او مرتب جيد ، او انبوبة غاز ، كل هذه المطالب ترى النخبة انها لم تكن حاضرة فى ميدان التحرير ، و انها بعيدة كل البعد عن مشروعهم الثورى النبيل .. بل ان بعضم يرى فيمن يتحدث عن هذه الامور انه جبان او خاضع ، خاصة الكتاب الذين يظنون ان هنالك الملايين نزلت الشارع على ضوء كتابتهم عن الفساد او بناء على آرائهم فى المظام السابق
لاجل هذا الفهم الخاطئ لمشروع العيش الكريم المشترك ، انهار المشروع الارهابي ، ومعه المشروع العلماني ، لان كلاهما لم يفقه مطالب الناس ، و كلاهما يتصارع على الكرسي من اجل السيطرة فحسب ، و فور استقراره على الكرسي ، فأنهم ايا كانوا لا يقومون باى تغيير الا للأسوأ .
.........
.........
يخطئ من لم يفهم ما عرفه و فهمه رجل الشارع خلال المرحلة الفاشية التى نعيشها ، رجل الشارع لم يعد يطالب الا بعودة الرجال الاشداء الاقوياء ابناء المؤسسة العسكرية ، و لم يعد يثق فى اصحاب الذقون المزيفة ، الذين اصبحوا اليوم محل ازدراء و سخرية الناس .
الناس اليوم تلعن من سرق الثورة بلعن الثورة ذاتها ، جعلتم الناس تندم على 25 يناير 2011 باختيارتكم ، و فشلكم الشخصى الذى اسقطتموه على ثورة ناجحة ، بان اقدمتم على اختيارات نموذجية لتعريف معني الفشل ، و بعد ان ظفرنا بـ 11 فبراير 2011 ، اتيتم بــ 30 يونيو 2012 ، من اجل استمرار لذة عقدة ستوكهولم لا اكثر و لا اقل .
مرشحكم الثورى – الذين اكتشفتوا بعد انتخابه ما يعرفه اى شخص قرأ بضعة صفحات عن تاريخ عشيرته الفاشية – تفرغ منذ ساعته الاولى فى الاتحادية لكى يقنع الناس انه يفعل اى شئ ، و كذب و كذب من اجل ان يمكن رجالاته فى جسم الدولة ، من اجل لا شئ الا امتيازات ان تكون رئيس او وزير او مستشار او موظف او خبير فى هذه الدولة ، و كانت النتيجة انه حتى بقايا "العيش الكريم المشترك" راحت تتسرب من بين يد الدولة ، فالامن غائب تماما ً ، و الاقتصاد يترنح ، و السياسة داخليا ً و خارجيا ً اصبحت مجموعة من النكات البذئية التى لا تضحك ، و اصبحت ملامح دميتكم الاستبن مرادفا ً للكذب و الخداع و الغش و الرياء باسم الدين و الذقن ، و اصبحت كل آية قرآنية او لفظ الرب على لسانه ضربة جديدة فى نسيج علاقة الانسان بالدين
.........
.........
ومما لا شك ان التجربة الفاشية الاخيرة اوضحت هزلية رجالات المجتمع المدني فى مصر ، و انه من الهراء ان يكون منهم رئيس للجمهورية ، و ان التركيبة الخاصة للمجتمع المصرى عموما ً تميل الى الرجل القوي ، و هى تركيبة شرحتها فى فصل بكتاب الثورة المصرية الكبري بعنوان " العسكر يحكمون مصر منذ 10 آلاف سنة " ، و اضيف الى هذا الطرح ما قلته مرارا ً ابان الانتخابات الرئاسية ، انه مع دولة مثل مصر ، يجب على رئيس الجمهورية أن يكون شخصا ً ملما ً بدولاب العمل السياسي و الحكومي المصري ، و ان يكون ابن واحدة من تلك المؤسسات ، او على الاقل ينوي ان يستعين بمن هم كذلك .
و فى حالة مرشحكم الثورى ، الرجل كل مؤهلاته التى اوصلته لمكتب ارشاد الجماعة هو انه لا يناقش ، و مؤهلاته الوحيدة للترشح للرئاسة انه دمية للمكتب ، سوف ينفذ كل شئ دون ان يتكلم ..
و فى حالة مرشكم الثورى .. كان واضحا ً وقتذاك انه لم يستعين بايا من رجالات الدولة ، و انه سوف يستعين برجال عشيرته الفاشية ، من اجل الظفر بغنيمة ان تكون وزيرا ً او مستشارا ً فى الدولة المصرية ..
و بعيدا ً عن مرشحكم الثوري .. لا يوجد فى الوسط السياسي المصرى تقريبا ً شخصية ينطبق عليها هذه المواصفات الا ابن وزارة الخارجية د.محمد البرادعي و معه المخضرم عمرو موسي ، و حتى هؤلاء ، لم يعد هذا وقتهم الان عام 2013 ، لان لكل مرحلة اختيارتها ، و كانت رفاهية تجربة حاكم مدني متاحة عام 2012 ، ولكن مع الفوضى و الدماء المشتعلة فى مصر اليوم ، نحن بحاجة الى رجل من المؤسسة العسكرية ، و هذا ليس رأيي الشخصى بقدر ما هو نبض الاغلبية الساحقة من الشارع
و لقد اثبتت المرحلة الفاشية امرا ً فى غاية الاهمية ، ان نفوذ الدولة العميقة لم تمت ، وانه يستحيل ان يأتى حاكم على غير هواها لكي يركب عجلة قيادة الدولة المصرية ، وبالتالى فان انتخاب اى حاكم او اختيار اى رئيس غير منسجم مع الدولة العميقة يعتبر اهدار لوقت الدولة المصرية ، و تعطيل لدور الحكومة فى ادارة الملفات الداخلية والخارجية ..
كسر تلك المعادلة يأتى بثورة على الدولة العميقة ، و هو امر رفضه الشعب يوم لجأوا الى الاعتصام السلمي ظهر 29 يناير 2011 و عدم استكمال انفجار العنف حيال الجيش ، ثم اتت فرصة مهمة للغاية فى نوفمبر 2011 من اجل كسر تلك المعادلة ، حينما اشتعلت انتفاضة محمد محمود ، و لكن النخب افشلت هذا التحرك و اجهضته وقتذاك ، منهم من ذهب لمليونية لدعم الاقصى فى الازهر ، و منهم من تحدث باسم الثوار مطالبا ً بموعد انتخابات رئاسية ، و منهم من جلس مع المخابرات بينما الشباب يقتل على عتبات ميدان التحرير
و بالتالى شعبك لا يريد ان يقهر دولته العميقة ، و لا يريد ان يثور على سلطة جيشه ، ولهذا الامر اسباب تاريخية اكبر من استعياب من ذهب لانتخاب قوة راديكالية بحثا ً عن التغيير ، او من ظن ان حزب ديني محافظ هو الذى سوف ينفذ اجندة ثورية ، صعب للغاية لمن تشوهت فطرته السوية بهذا الشكل ان يفهم طبيعة العلاقة بين الجيش والشعب فى مصر
.........
.........
يغيب على البعض فكرة هامة ، ان الديموقراطية و العلمانية مثلها مثل مشروع المتأسلمين ، يجب ان تكون فرز اجتماعي طبيعي ، لا ان تزرع و تصنع صنعا ً فى المجتمع ، لانها فى تلك الحالة تفشل ، و العلمانية و الديموقراطية فى الغرب كانت فرزا ً طبيعيا ً لتسلط المؤسسة الدينية ، و هو امر لن يحدث فى مصر او عالمنا العربي ، لا لأن تسلط المؤسسة الدينية غائب ، و لكن لانه لا يوجد مفكرين حقيقيين يستطيعون بلورة فكر علماني حقيقي فى مجتمعنا ، كما ان صعود العلمانية فى الغرب اتي عبر تحالف بين رجال اعمال و طبقة من العسكر البرجوازيين و بعض العروش الاوروبية الراغبة فى الخروج عن سيطرة الكنيسة ، وهذه المعادلة قام بها بالفعل مؤسسو الجمهوريات المصرية و العراقية و السورية و الليبية و الجزائرية خلال القرن العشرين ، و هى تلك الجمهوريات التى انهارت تارة تحت الاحتلال الامريكي و تارة اخرى عبر غارات الناتو و تارة ثالثة عبر ثورات سرقتها نخب و سلمتها للفاشية الدينية .
.........
.........
مع فشل الاسلاميين و هزلية العلمانيين و خرف الليبراليين و دعاة الديموقراطية ، اصبح المجتمع امام حل وحيد فحسب ، هو استدعاء احدي الجنرالات لاعادة بناء الدولة ، بعد ان اصبحت على يد الفشلة بقايا دولة ..
و سوف تصرخ النخب و ثوار الفيس بوك و ابناء التيارات الخائبة فى وجه كل من يتحدث عن هذه الحقيقة ، حقيقة انهم فشلوا فى وضع تصور للجمهورية الثانية ، و فشلوا فى انتخاب من يقدر على ادارتها ، ثم فشلوا فى معارضة طغاتها الجدد ، ثم فشلوا فى حشد الناس الغاضبة ، و بعد ذلك سوف يتهمون كل من يقول لهم الحقيقة بالغضف و الخيانة و عشق الاستقرار و البيادة ، بينما الحقيقة واضحة للغاية ، فشلكم هو الجسر الذهبي لمطالبة الناس بعودة رجالات الدولة العميقة للحكم ، و لو نجح مرسي ، او نجح معارضوه ، لما فكر الناس فى هذا الامر .
ولكن هل يحدث هذا الامر فى 30 يونيو 2013 ؟
بالطبع لا .. حتى لو فشل الحراك الحالي ، هنالك موجات مقبلة ، كلها لا تسعي الا الى اسقاط الجمهورية الثانية الفاشلة ، و اسقاط نخبتها العميلة للمشروع الارهابي ، و مدعى الثورة الذين لا هم لهم الا عرقلة الثورة الحقيقية تارة بانتخاب الارهابيين و تارة بالانحراف باحلام الناس الى هزليات دستورية و ديموقراطية .
و لكن سيناريوهات 30 يونيو 2013 لن تخرج عن ما يلى :
السيناريو الأول هو ان يكون يوم كرنفالى بهيج على غرار 25 يناير 2012 حينما قيل انه سوف يكون اليوم الموعود ، ثم نزل الجميع لميدان التحرير من اجل التحرش والاحتفال
و السيناريو الثاني هو موجة عنف ، ربما تحدث قبل 30 يونيو ، 25 او 28 يونيو وربما قبل ذلك ، بين الاسلاميين و المتظاهرين ، فى الاتحادية و التحرير و محمد محمود والمقطم و ربما شارع رمسيس ايضا ً ، و اتوقع ان يستأجر الاخوان بلطجية من اجل ترويع الناس و جعلهم يبقون فى بيوتهم ، تكرارا ً لسيناريو الانفلات الامني مساء 28 يناير 2011 ، هذا فى القاهرة فحسب ، مع تزايد ارقام القتلى ، الذى سوف يبلغ مائة قتيل على الاقل ، سوف يحدث تحرك من الدولة العميقة للجم الفوضى ، عبر نزول القوى الامنية بكثافة ، و فرض حظر تجوال صارم ، و السيطرة على كامل مفاصل الدولة ، وعزل الحكومة و الرئيس و حل البرلمان و تعليق العمل بالدستور .
يظن النخب و ثوار الفيس بوك هنا ان الدولة العميقة سوف تكتفى بهذا القدر ، و لكن الحال ان هنالك سيناريو معد سلفا ً ، عبر تسليم الدولة الى مجلس رئاسي ، وقاية للجيش من هزليات المرحلة الانتقالية ، المجلس الرئاسي سوف يكون دمية فى يد الدولة العميقة ، من اجل الاعداد للجمهورية الثالثة ، المعد سلفا ً من الان كافة ملاحمها
على المستوي القضائى هنالك احكام قضائية جاهزة لحق حل الاحزاب الدينية ، و عدم شرعية الانتخابات البرلمانية و الرئاسية التى جرت ، بالاضافة الى عدم شرعية الدستور الوهابي الذى سنه رئيس الجمهورية من اجل اقالة النائب العام
اما اهم القضايا الخاصة بالمرحلة الانتقالية الجديدة ، فسوف تتعلق بالملفات الجنائية الخاصة بمذابح الاتحادية و غيرها ، من تلك التى يعرف المرشد و مكتب ارشاده و الرئيس و حاشيته انهم المتهم الاول فيها ، بل و ان هنالك اجهزة سيادية سجلت كل ما جرى لحظة بلحظة ، من اجل تلك اللحظة السعيدة البهيجة ، لذا لا عجب ان نعرف ان هنالك مخطط يقضى بهرب المرشد و الشاطر ومرسي و عددا ً من رجالات الجماعة اذا ما تم خلع مرسي
بالطبع الارهابيين لم يصمتوا ، و امامهم وقتذاك خيارين ، اما التهدئة من اجل الحفاظ على شكل القوة السياسية السلمية ، و على كل حال هذا لن يعني الا ان ينتظروا قرارات حظرهم قضائيا ً فى صمت ، او ان يلجئوا الى العنف ، ليصدر قرار الحظر بشكل فورى من الحاكم العسكري وقتذاك ، و يا ليتهم يلجئوا الى الخيار الثاني حتى ننتهي منهم سريعا ً .
السيناريو الاخير حتى لو لم يتم فى احداث يونيو ويوليو 2013 ، فهو سوف يحدث آجلا ً ام عاجلا ً ، مرسي انتهي و جمهوريته سقطت ، و معها احلام كل النخب و المثقفين الذين تكبروا و تعالوا على الشعب و ثورته.
فمن يظن انه حال خلع العشيرة الاخوانية بثورة شعبية او بنزول الجيش فأن هذا سوف يؤدى الى تكرار سيناريو ما بعد 11 فبراير 2011 هو واهم ، و يعيش حسابات و حالات سياسية و ثورية اصبحت جزءا ً من التاريخ ، و من يظن ان سبوبة الائتلافات عائدة ، و بزنس الاحزاب و الحوار الوطني و الحضن الدافئ للمجلس العسكري و كل مصادر الرزق القذرة التى ارتزق منها جوقة ممن نصبهم الاعلام متحدثين باسم الثورة ، كل هذا
الهراء لن يتكرر ..
ايضا ً .. من يظن ان سقوط اللامشروع الاسلامي ، يعني ضربة البداية لمشروع ثورى او ديموقراطي او علماني .. لم ينتبه بعد الى ان كافة تلك المسارت توحدت و على يديه مع مسار مشروع الارهابيين الساقط ، و انهم جمعيا ً فشلوا فى ادارة ميدان التحرير خلال المرحلة الانتقالية ، و فشلوا فى انتخابات مجلس الشعب و انتخابات مجلس الشوري ، و انتخابات الرئاسة ، و بروتكولات مؤتمر فيرمونت ، و موقعة عاصرى اللمون ، ثم فشلوا فى ان يكونوا معارضة حقيقية للفاشستية التى تحكم مصر الان
من لم ينتبه الى ان مشروعه العلماني الليبرالى الديموقراطي هو الجسر الذهبي للفاشية الدينية هو واهم ، لا تزال قطعة اللمون اياها تقطر فوق رأسه ..
و من يراهن من هذا المعسكر على ان الناس فى صفه هو واهم ، فالمصريين الذين نزلوا الى الثورة فى يناير و فبراير 2011 ، لم يفعلوا ذلك نصرة للمشروع الارهابي ، او نصرا ً للديموقراطية او لقيم علمانية ، بل بحثا ً عن "العيش الكريم المشترك" ، و لم يكن عنادهم لخروج مبارك عن المشهد السياسي الا معرفة تامة منهم ان الرجل لن يقدم لهم هذه المطالب ، و لم يكن صراخهم لاحقاً بسقوط العسكر طلبا ً لدولة مدنية و صراخا ً ايدولوجيا ً بقدر ما كان صراخا ً فى وجه المشير و الفريق عقب الادارة المخيبة للآمال للمرحلة الانتقالية ..
و مطلب العيش الكريم المشترك هو مجموعة من المطالب الاقتصادية و الاجتماعية ، لا علاقة لها بحرية تأسيس الاحزاب و تداول السلطة و ضرب الدولة العميقة و الدستور العلماني الاصيل أو حتى دقون مزيفة و خطاب ديني فارغ و دعارة سياسية و عهر فكري باسم الدين ، بل عبارة عن شارع آمن ، و وظيفة محترمة ، و حياة كريمة و لو فى حدها الادني ، و اقتصاد يمد يده للفقير و لا يحارب الغني ..
بالطبع و كما كتبت مرارا ً .. كانت تلك المطالب محل احتقار النخب، التى و يا للدهشة جمعيهم تقريبا ً اتوا من الازقة و قاع المجتمع و لا عيب فى ذلك ، و لكن المال الذى هدر فى جيوهم ، انساهم مشاكل اهلهم ، و اصبح من يتحدث عن سعيه لبنية تحتية افضل ، او الامن ، او مرتب جيد ، او انبوبة غاز ، كل هذه المطالب ترى النخبة انها لم تكن حاضرة فى ميدان التحرير ، و انها بعيدة كل البعد عن مشروعهم الثورى النبيل .. بل ان بعضم يرى فيمن يتحدث عن هذه الامور انه جبان او خاضع ، خاصة الكتاب الذين يظنون ان هنالك الملايين نزلت الشارع على ضوء كتابتهم عن الفساد او بناء على آرائهم فى المظام السابق
لاجل هذا الفهم الخاطئ لمشروع العيش الكريم المشترك ، انهار المشروع الارهابي ، ومعه المشروع العلماني ، لان كلاهما لم يفقه مطالب الناس ، و كلاهما يتصارع على الكرسي من اجل السيطرة فحسب ، و فور استقراره على الكرسي ، فأنهم ايا كانوا لا يقومون باى تغيير الا للأسوأ .
.........
.........
يخطئ من لم يفهم ما عرفه و فهمه رجل الشارع خلال المرحلة الفاشية التى نعيشها ، رجل الشارع لم يعد يطالب الا بعودة الرجال الاشداء الاقوياء ابناء المؤسسة العسكرية ، و لم يعد يثق فى اصحاب الذقون المزيفة ، الذين اصبحوا اليوم محل ازدراء و سخرية الناس .
الناس اليوم تلعن من سرق الثورة بلعن الثورة ذاتها ، جعلتم الناس تندم على 25 يناير 2011 باختيارتكم ، و فشلكم الشخصى الذى اسقطتموه على ثورة ناجحة ، بان اقدمتم على اختيارات نموذجية لتعريف معني الفشل ، و بعد ان ظفرنا بـ 11 فبراير 2011 ، اتيتم بــ 30 يونيو 2012 ، من اجل استمرار لذة عقدة ستوكهولم لا اكثر و لا اقل .
مرشحكم الثورى – الذين اكتشفتوا بعد انتخابه ما يعرفه اى شخص قرأ بضعة صفحات عن تاريخ عشيرته الفاشية – تفرغ منذ ساعته الاولى فى الاتحادية لكى يقنع الناس انه يفعل اى شئ ، و كذب و كذب من اجل ان يمكن رجالاته فى جسم الدولة ، من اجل لا شئ الا امتيازات ان تكون رئيس او وزير او مستشار او موظف او خبير فى هذه الدولة ، و كانت النتيجة انه حتى بقايا "العيش الكريم المشترك" راحت تتسرب من بين يد الدولة ، فالامن غائب تماما ً ، و الاقتصاد يترنح ، و السياسة داخليا ً و خارجيا ً اصبحت مجموعة من النكات البذئية التى لا تضحك ، و اصبحت ملامح دميتكم الاستبن مرادفا ً للكذب و الخداع و الغش و الرياء باسم الدين و الذقن ، و اصبحت كل آية قرآنية او لفظ الرب على لسانه ضربة جديدة فى نسيج علاقة الانسان بالدين
.........
.........
ومما لا شك ان التجربة الفاشية الاخيرة اوضحت هزلية رجالات المجتمع المدني فى مصر ، و انه من الهراء ان يكون منهم رئيس للجمهورية ، و ان التركيبة الخاصة للمجتمع المصرى عموما ً تميل الى الرجل القوي ، و هى تركيبة شرحتها فى فصل بكتاب الثورة المصرية الكبري بعنوان " العسكر يحكمون مصر منذ 10 آلاف سنة " ، و اضيف الى هذا الطرح ما قلته مرارا ً ابان الانتخابات الرئاسية ، انه مع دولة مثل مصر ، يجب على رئيس الجمهورية أن يكون شخصا ً ملما ً بدولاب العمل السياسي و الحكومي المصري ، و ان يكون ابن واحدة من تلك المؤسسات ، او على الاقل ينوي ان يستعين بمن هم كذلك .
و فى حالة مرشحكم الثورى ، الرجل كل مؤهلاته التى اوصلته لمكتب ارشاد الجماعة هو انه لا يناقش ، و مؤهلاته الوحيدة للترشح للرئاسة انه دمية للمكتب ، سوف ينفذ كل شئ دون ان يتكلم ..
و فى حالة مرشكم الثورى .. كان واضحا ً وقتذاك انه لم يستعين بايا من رجالات الدولة ، و انه سوف يستعين برجال عشيرته الفاشية ، من اجل الظفر بغنيمة ان تكون وزيرا ً او مستشارا ً فى الدولة المصرية ..
و بعيدا ً عن مرشحكم الثوري .. لا يوجد فى الوسط السياسي المصرى تقريبا ً شخصية ينطبق عليها هذه المواصفات الا ابن وزارة الخارجية د.محمد البرادعي و معه المخضرم عمرو موسي ، و حتى هؤلاء ، لم يعد هذا وقتهم الان عام 2013 ، لان لكل مرحلة اختيارتها ، و كانت رفاهية تجربة حاكم مدني متاحة عام 2012 ، ولكن مع الفوضى و الدماء المشتعلة فى مصر اليوم ، نحن بحاجة الى رجل من المؤسسة العسكرية ، و هذا ليس رأيي الشخصى بقدر ما هو نبض الاغلبية الساحقة من الشارع
و لقد اثبتت المرحلة الفاشية امرا ً فى غاية الاهمية ، ان نفوذ الدولة العميقة لم تمت ، وانه يستحيل ان يأتى حاكم على غير هواها لكي يركب عجلة قيادة الدولة المصرية ، وبالتالى فان انتخاب اى حاكم او اختيار اى رئيس غير منسجم مع الدولة العميقة يعتبر اهدار لوقت الدولة المصرية ، و تعطيل لدور الحكومة فى ادارة الملفات الداخلية والخارجية ..
كسر تلك المعادلة يأتى بثورة على الدولة العميقة ، و هو امر رفضه الشعب يوم لجأوا الى الاعتصام السلمي ظهر 29 يناير 2011 و عدم استكمال انفجار العنف حيال الجيش ، ثم اتت فرصة مهمة للغاية فى نوفمبر 2011 من اجل كسر تلك المعادلة ، حينما اشتعلت انتفاضة محمد محمود ، و لكن النخب افشلت هذا التحرك و اجهضته وقتذاك ، منهم من ذهب لمليونية لدعم الاقصى فى الازهر ، و منهم من تحدث باسم الثوار مطالبا ً بموعد انتخابات رئاسية ، و منهم من جلس مع المخابرات بينما الشباب يقتل على عتبات ميدان التحرير
و بالتالى شعبك لا يريد ان يقهر دولته العميقة ، و لا يريد ان يثور على سلطة جيشه ، ولهذا الامر اسباب تاريخية اكبر من استعياب من ذهب لانتخاب قوة راديكالية بحثا ً عن التغيير ، او من ظن ان حزب ديني محافظ هو الذى سوف ينفذ اجندة ثورية ، صعب للغاية لمن تشوهت فطرته السوية بهذا الشكل ان يفهم طبيعة العلاقة بين الجيش والشعب فى مصر
.........
.........
يغيب على البعض فكرة هامة ، ان الديموقراطية و العلمانية مثلها مثل مشروع المتأسلمين ، يجب ان تكون فرز اجتماعي طبيعي ، لا ان تزرع و تصنع صنعا ً فى المجتمع ، لانها فى تلك الحالة تفشل ، و العلمانية و الديموقراطية فى الغرب كانت فرزا ً طبيعيا ً لتسلط المؤسسة الدينية ، و هو امر لن يحدث فى مصر او عالمنا العربي ، لا لأن تسلط المؤسسة الدينية غائب ، و لكن لانه لا يوجد مفكرين حقيقيين يستطيعون بلورة فكر علماني حقيقي فى مجتمعنا ، كما ان صعود العلمانية فى الغرب اتي عبر تحالف بين رجال اعمال و طبقة من العسكر البرجوازيين و بعض العروش الاوروبية الراغبة فى الخروج عن سيطرة الكنيسة ، وهذه المعادلة قام بها بالفعل مؤسسو الجمهوريات المصرية و العراقية و السورية و الليبية و الجزائرية خلال القرن العشرين ، و هى تلك الجمهوريات التى انهارت تارة تحت الاحتلال الامريكي و تارة اخرى عبر غارات الناتو و تارة ثالثة عبر ثورات سرقتها نخب و سلمتها للفاشية الدينية .
.........
.........
مع فشل الاسلاميين و هزلية العلمانيين و خرف الليبراليين و دعاة الديموقراطية ، اصبح المجتمع امام حل وحيد فحسب ، هو استدعاء احدي الجنرالات لاعادة بناء الدولة ، بعد ان اصبحت على يد الفشلة بقايا دولة ..
و سوف تصرخ النخب و ثوار الفيس بوك و ابناء التيارات الخائبة فى وجه كل من يتحدث عن هذه الحقيقة ، حقيقة انهم فشلوا فى وضع تصور للجمهورية الثانية ، و فشلوا فى انتخاب من يقدر على ادارتها ، ثم فشلوا فى معارضة طغاتها الجدد ، ثم فشلوا فى حشد الناس الغاضبة ، و بعد ذلك سوف يتهمون كل من يقول لهم الحقيقة بالغضف و الخيانة و عشق الاستقرار و البيادة ، بينما الحقيقة واضحة للغاية ، فشلكم هو الجسر الذهبي لمطالبة الناس بعودة رجالات الدولة العميقة للحكم ، و لو نجح مرسي ، او نجح معارضوه ، لما فكر الناس فى هذا الامر .
ولكن هل يحدث هذا الامر فى 30 يونيو 2013 ؟
بالطبع لا .. حتى لو فشل الحراك الحالي ، هنالك موجات مقبلة ، كلها لا تسعي الا الى اسقاط الجمهورية الثانية الفاشلة ، و اسقاط نخبتها العميلة للمشروع الارهابي ، و مدعى الثورة الذين لا هم لهم الا عرقلة الثورة الحقيقية تارة بانتخاب الارهابيين و تارة بالانحراف باحلام الناس الى هزليات دستورية و ديموقراطية .
و لكن سيناريوهات 30 يونيو 2013 لن تخرج عن ما يلى :
السيناريو الأول هو ان يكون يوم كرنفالى بهيج على غرار 25 يناير 2012 حينما قيل انه سوف يكون اليوم الموعود ، ثم نزل الجميع لميدان التحرير من اجل التحرش والاحتفال
و السيناريو الثاني هو موجة عنف ، ربما تحدث قبل 30 يونيو ، 25 او 28 يونيو وربما قبل ذلك ، بين الاسلاميين و المتظاهرين ، فى الاتحادية و التحرير و محمد محمود والمقطم و ربما شارع رمسيس ايضا ً ، و اتوقع ان يستأجر الاخوان بلطجية من اجل ترويع الناس و جعلهم يبقون فى بيوتهم ، تكرارا ً لسيناريو الانفلات الامني مساء 28 يناير 2011 ، هذا فى القاهرة فحسب ، مع تزايد ارقام القتلى ، الذى سوف يبلغ مائة قتيل على الاقل ، سوف يحدث تحرك من الدولة العميقة للجم الفوضى ، عبر نزول القوى الامنية بكثافة ، و فرض حظر تجوال صارم ، و السيطرة على كامل مفاصل الدولة ، وعزل الحكومة و الرئيس و حل البرلمان و تعليق العمل بالدستور .
يظن النخب و ثوار الفيس بوك هنا ان الدولة العميقة سوف تكتفى بهذا القدر ، و لكن الحال ان هنالك سيناريو معد سلفا ً ، عبر تسليم الدولة الى مجلس رئاسي ، وقاية للجيش من هزليات المرحلة الانتقالية ، المجلس الرئاسي سوف يكون دمية فى يد الدولة العميقة ، من اجل الاعداد للجمهورية الثالثة ، المعد سلفا ً من الان كافة ملاحمها
على المستوي القضائى هنالك احكام قضائية جاهزة لحق حل الاحزاب الدينية ، و عدم شرعية الانتخابات البرلمانية و الرئاسية التى جرت ، بالاضافة الى عدم شرعية الدستور الوهابي الذى سنه رئيس الجمهورية من اجل اقالة النائب العام
اما اهم القضايا الخاصة بالمرحلة الانتقالية الجديدة ، فسوف تتعلق بالملفات الجنائية الخاصة بمذابح الاتحادية و غيرها ، من تلك التى يعرف المرشد و مكتب ارشاده و الرئيس و حاشيته انهم المتهم الاول فيها ، بل و ان هنالك اجهزة سيادية سجلت كل ما جرى لحظة بلحظة ، من اجل تلك اللحظة السعيدة البهيجة ، لذا لا عجب ان نعرف ان هنالك مخطط يقضى بهرب المرشد و الشاطر ومرسي و عددا ً من رجالات الجماعة اذا ما تم خلع مرسي
بالطبع الارهابيين لم يصمتوا ، و امامهم وقتذاك خيارين ، اما التهدئة من اجل الحفاظ على شكل القوة السياسية السلمية ، و على كل حال هذا لن يعني الا ان ينتظروا قرارات حظرهم قضائيا ً فى صمت ، او ان يلجئوا الى العنف ، ليصدر قرار الحظر بشكل فورى من الحاكم العسكري وقتذاك ، و يا ليتهم يلجئوا الى الخيار الثاني حتى ننتهي منهم سريعا ً .
السيناريو الاخير حتى لو لم يتم فى احداث يونيو ويوليو 2013 ، فهو سوف يحدث آجلا ً ام عاجلا ً ، مرسي انتهي و جمهوريته سقطت ، و معها احلام كل النخب و المثقفين الذين تكبروا و تعالوا على الشعب و ثورته.