اعتقد انه حان الوقت لكى نعترف و نتحدث بصراحة حول الإخفاق الذى جرى ، لماذا بعد ان حصدنا هذا المشهد الاستثنائى فى 11 فبراير 2011 ، نحصد اليوم كل هذا الكم من خيبة الامل و الاخفاقات ، فى الواقع ان اغلب المقالات التى تصدت لهذا البحث ، و اغلب الكتب المستقبلية كما اتوقع ، وقعت فى خطأ مهم للغاية ، هو القفز على المرحلة الانتقالية التى استمرت عام و نصف ، و عدم مراجعة الاخطاء التى تمت وقتها بدقة و تجرد علمي بعيدا ً عن الانحياز لفريق ما او راى ما .
لابد ان نقتنص من سيرة المرحلة الانتقالية الخطأ او الاخطاء التى ادت الى ما آل اليه الوضع الان ، و فى رأيي ان الخطأ الاساسي فيما وصلنا اليه اليوم هو انحراف الثوار من السعي لازالة اسباب الظلم الاجتماعي و اليأس السياسي و الاقتصادي المحرك للثورة الى السعي لازالة الاشخاص المتحكمين فى منظومة اليأس السياسي و الاقتصادي و الظلم الاجتماعي .
لخص جلال امين هذا الانحراف فى كتابه ماذا جرى للثورة المصرية بالقول " ان الفساد لن يختفى باسقاط النظام و لكن سوف يختفى بزوال اسبابه ".
منذ 11 فبراير 2011 اصبح هم الثوار هو سجن جميع رجالات النظام السابق ، و السعي لالغاء كل قراراتهم ، ولكن كل هذا لا يكفى ، لان الثوار فى واقع الامر ازاحوا رجالات نظام فاسد و لكنهم تركوا قواعد و آليات الفساد و الظلم باقية كما هي ، لم يطالب ايا منهم بآليات حقيقية لازالة هذا الظلم ، كل من تحدث عن تطهير القضاء و الاعلام و الداخلية تحدث بهذا الاكلاشيه دون ان يوضح آليات اصلاح هذه المؤسسات.
هكذا ضاعت الفرصة ، لان ما فعله الثوار باختصار هو التنكيل بطبقة حاكمة و افساح الطريق لطبقة حاكمة جديدة لاكمال نفس المنظومة السابقة ، كان يجب القضاء على المنظومة لا الاشخاص ، السعي لتشريعات تضمن تنفيذ اهداف الثورة و ليس السعي للقضاء على اشخاص او تنصيب اشخاص من اجل تنفيذ اهداف الثورة .
اصبح هم الثوار الأول هو سجن رجالات النظام السابق ، ثم القصاص ممن قتل الثوار ، و ترك الثوار كل اهداف الثورة و ركزوا فى هذا الشأن ، مع ان شهداء الثورة لم يقتلوا من اجل ان يبحث احد عن القصاص لهم بل قتلوا من اجل اسقاط المنظومة التى ثاروا ضدها .
ثم تحول الامر الى ارهاب فكري و ثورى حقيقي ، لابد من ازاحة احمد شفيق من رئاسة الوزراء ، ثم اتى البديل عصام شرف وسط زفة ثورية ، لم يطالبه احد بشئ بعد ذلك ، كما انه لم يفعل اى شئ يذكر ، كأن الامر تغيير افراد لا تغيير منظومة ، ثم اصبح الصراخ حول اقالة فايزة ابو النجا ، او التحفظ على صفوت الشريف و زكريا عزمي و احمد فتحي سرور ، و راحت المطالب تتفرع اكثر و اكثر فى اتجاه التنكيل بالاشخاص لا المنظومة .
ثم تجلى الارهاب الثورى فى اكمل صورته مع الصراخ الاعلامي ضد اى كلمة حق بحق اى فرد من رجالات النظام القديم ، مع العلم انه لا يوجد اى فرد يمكن ان يخطئ بنسبة 100 % ، اى ان هنالك و لو 1 % على الاقل على حق ، قبل ان يصل الارهاب الثورى للذروة بالاصطفاف الهزلى خلف محمد مرسي ضد احمد شفيق مستخدمين كلمة دخيلة على القاموس الثورى الاصلى (( فلول )) ، و سوف يقف التاريخ طويلا ً فى حيرة امام ثوار اللمون ، و كيف اعتقد ثلة من الثوار ان قوة سياسية محافظة يمكن ان تكون فعلا ً جزء من ثورة او تحقق اهدافها ، و طبقا ً للارهاب الثورى اصبح كل من هو ليس مع الثورة او مناصر لشفيق او عمرو موسي هو معاد للدولة و النظام الجديد ( الذى لم يبصر النور من الاساس ) و غير وطني و غير شريف و ذو وجهين .. الخ الخ ، و لولا وجود مؤسسات امنية عميقة فى البلاد لربما رأينا محاكم تفتيش يرأسها قادة الارهاب الثوري.
و الارهاب الثورى مصطلح عريق فى علم الفلسفة ، ظاهرة يفسرها المفكر الفرنسي فرنسوا فوريه ( 1927 – 1997 ) بالقول "الإرهاب الثورى يتماهى مع الثورة ذاتها ، لأن كل التتابع الدرامي الثورى كان قائما ً على اساس الجهل بالحقائق التاريخية العميقة التى جعلتها ثورة ممكنة" .. المدهش ان الرجل كان يصف الثورة الفرنسية ، على اعتبار انها سعت للتنكيل بالطبقة الحاكمة وقتذاك ثم السقوط فى فخ " الجمهورية الديموقراطية " دون وضع اى قوانين او اسس حقيقية لحل الازمات التى صنعت الثورة ، و كانت النتيجة ان الجمهورية الفرنسية الاولي فشلت و سقطت و عادت الملكية فى ثوب ابشع مما كان قبل الثورة .
فى ثورة 25 يناير 2011 كان الجهل بالحقائق التاريخية لقيام الثورة من قبل النخبة الثورية و السياسية و الشبابية ، سببا ً مباشرا ً فى تفاصيل التتابع الدرامي الثورى الذى جرى بعد ذلك ، بل ان بعضهم لم يكتفى بالجهل بالاسباب التى قامت من اجلها الثورة ، بل كان جاهلا ًَ حتى ببعض تفاصيل الثورة نفسها ، فالثورة لم تقم من اجل دستور جديد ، او حياة حزبية سلمية ، او تداول سلمي للسلطة ، او ان يسلم العسكر الحكم لادارة مدنية منتخبة ، الثورة نادت بسقوط مبارك لانه لم يعطى للناس حلول للمشاكل الاجتماعية و الاقتصادية ، بينما تلك المشاكل السياسية كانت البند الاخير فى جدول ثوار الشوارع .
و بالطبع يثور هنا جدال ، كنت جزءا ً منه من قبل 25 يناير ، حول ارتباط المشاكل الاقتصادية بالمشاكل السياسية ، و هل الديموقراطية هي الطريق الى العدالة الاجتماعية ، و فى الواقع ان هذه الكذبة صنعها معارضة النظام السابق و صدقوها حتى يومنا هذا ، فهنالك عشرات الانظمة غير الديموقراطية عبر التاريخ التى صنعت عدالة اجتماعية افضل مما هو موجود فى دول ديموقراطية.
اصلاح المنظومة الاقتصادية و الاجتماعية لا يستلزم ان تذهب اولا ً لتعديل الدستور ، ثم سن واحد جديد ، ثم ثلاث جولات انتخابية لانتخاب غرفتى البرلمان ثم رئيس الجمهورية، لانك تقوم بكل هذا على اساس المنظومة المترهلة ، بل ان القائمون على كل هذا هم نفس الرجالات الذين كانوا يقومون بنفس الدور فى النظام الذى اسقطته الثورة .
و لعل العودة مرة اخرى الى سيرة الثورة الفرنسية توضح لنا المشهد الحالى بعبارات واضحة ، اذ رأى كارل ماركس "ديموقراطية الثورة الفرنسية" من طرائف البورجوازيين لانها لن تفيد الا اصحاب المصالح ، و بالفعل نرى اليوم ان اصحاب المصالح قد استطاعوا ان يتأقلموا مع التغيير ، بل ان بعضهم قد وجه هذا التغيير لصالح قوى سياسية معينة يرى انها سوف تستمر فى رعاية مصالحه كما جرى فى سنوات النظام السابق .
التاريخ يحمل لنا دروس و عبر هامة للغاية ، و لكن للاسف اغلب المفكرين المصريين انخرطوا في هوجة الشعارات ، يقول الفيلسوف الالماني الشهير جورج هيجل ( 1770 – 1831 ) "ان الحرية هى فهم الضرورة" ، و اكمل القول انه ما عدا ذلك يجعل الفرد عبدا ً لآرائه و رؤيته القاصرة للأمور ، و للاسف لم يحاول احد حتى يومنا ان يفهم ضروريات المرحلة ، اى مرحلة ، فالكل لديه كتالوج بالغ الكلاسيكية عما يجب ان يحدث ، بينما جميع المراحل لم تكن تحتمل الهراء الذى تلفظت به النخب و الثوار طيلة عامين و نصف حتى الان .
و الدروس و العبر فى كتب التاريخ ، و الضرورة التى وضحتها المرحلة الانتقالية و عشرة اشهر من فوضى الحكم المدني حقيقة ان الديموقراطية ليست الخيار الصحيح لاى دولة تتعافى من آثار ثورة قوية و ضرورية و لازمة ضربت النظام قبل ان يضرب النظام البلد فى مقتل ، الديموقراطية كانت دائما ًَ بوابة الانظمة السابقة للعودة مرة اخري الى سدة الحكم ، ربيع الشعوب عام 1848 فى اوروبا ، الثورات الملونة مطلع القرن الحادي و العشرين ( يوغوسلافيا/صربيا ، اوكرانيا ، جورجيا ، قيرقيزستان ) حيث عادت الانظمة القديمة مع ثاني انتخابات تعقد عقب الثورة ، حتى فى الانتخابات الاولي فى مصر ، الاغلبية الاسلامية تعتبر جزء من نظام سابق ، فالمعارضة و الحكومة هما دفتى اى نظام سياسي ، كلاهما شركاء .
تحمل لنا كتب التاريخ اشكالية تطبيق الديموقراطية بشكل فورى عقب الثورة فيما يلى ، فى الاساس الديموقراطية و ازمتها هى فوضى العواطف التواقة للاشباع كما وصفها الفيلسوف الفرنسي الشهير جاك رانسيير ، و بما انك امام ظمأ اقتصادي و اجتماعي ممتد الى سنوات ما قبل 23 يوليو 1952 فى بعض الاحيان ، فأن فتح الباب مرة واحدة لتلقى كل هذه المطالب سوف يؤدى الى ما يراه رانسيير تحقيقا ً لنبوءة افلاطون فى كتابه " الجمهورية " الى تحول المطالبين الى "الجحش الديموقراطي العصى على الترويض" .
الولايات المتحدة الامريكية و اليابان و اوروبا الغربية شكلوا فى السبعينات ما يعرف بــ اللجنة الثلاثية من اجل رسم افكار للنظام العالمي الجديد خلال سبعينات القرن العشرين ، و من ضمن اصدارات اللجنة كتاب ازمة الديموقراطية كتبه صامويل هينجتون و يوجي واتنكي و ميشي كروزر ، توصلوا الى ان ازمة الديموقراطية تتمثل فى " الزيادة التى لا تقهر للمطالب التى تضغط على الحكومات و تتسبب فى تدهور السلطة ، و تجعل الافراد و الجماعات عصية على الانضباط و على تقديم التضحيات التى يتطلبها الرأى العام " .
يقول رانسيير "لا يوجد الا ديموقراطية جيدة وحيدة هى التى تكبح كارثة الحضارة الديموقراطية" ، و هل هنالك كارثة العن من ان الناس تنتخب على اسس طائفي دون النظر لمصلحتها الشخصية او حتى الوطنية ؟
.........
.........
الديموقراطية فى هذا الظرف لن تؤدى الا الى عودة النظام السابق باقوي مما هو عليه الان ، و لا عجب ان نرى رجالات النظام السابق يخرجون من السجن واحدا ً تلو الآخر ، و بل و بعضهم يقوم بتسويات مالية مع النظام الاخواني – الانتقالى بالنسبة لهم – من استعادة و لو جزء بسيط من ادوارهم كما هو متوقع فى مرحلة ما بعد محمد مرسي ، و لعل رشيد محمد رشيد و حسين سالم و غيرهم – بل و حتى آل ساويرس – بالذكاء الكافى لفهم حقيقة ان مثل هذه التسويات ربما لا تكون متاحة مع رجالات المرحلة الانتقالية الثانية ، لذا كان من الذكاء اتمام هذه التسوية فى المحطة الاخوانية .
و لعل السؤال هنا اذا ما كانت الديموقراطية هل مفتاح عودة الانظمة القمعية ، فما هو مفتاح صعود القوى الثورية لسدة الحكم ، او حتى صناعة الضمانات التى كان يجب عليهم القيام بها من اجل حل المشاكل الاقتصادية و الاجتماعية الحقيقية التى قامت الثورة حقا ً من اجلها ؟
هنا يأتى دور الخطأ الثاني الذى قام به الثوار و النخب ، لقد تعاركوا مع الجميع دفعة واحدة ، مع ان الدولة العميقة كانت مرحبة بهم فى فبراير 2011 و لمدة ثلاثة اشهر تقريبا ً ، و لكن البعض اختار طريق التصعيد الثورى عبر الشارع وصولا ً الى هزليات اعتصام صيف 2011 الذى تم كنسه بمليونية سلفية اخرجت المارد السلفى من القمقم حتى يومنا هذا ..
الحل كان امرين لا ثالث لهم ، اما اكمال الثورة على نمط يناير و فبراير 2011 ، و فى حال عدم القدرة على ذلك فيجب اللجوء الى الحل الثاني : صفقة مع الدولة العميقة.
علينا ان ندرك ان القيم و النبل الثورى الرومانسي شئ ، و الحقل السياسي شئ آخر ، و ان نستوعب حقيقة ان ما رفضه الثوار بالامس ، يحلمون به سرا ً اليوم ، و اثبتت القوات المسلحة انها يمكن ان تتوارى خلف الستار بمقدار معين ، و انه يمكن فعلا ً لرئيس ما و حزب ما ان يتولى السلطة بشكل ما ، و كان يجب لهذه الصفقة ان تكون فورية ، لان البعبع الاخواني لم يخرج بدوره من القمقم الا حينما تعالى هزليات الدستور اولا او الانتخابات اولا ، و كلها سيجالات يعرف المتأسلمين جيدا ً كيفية الانتشار و تمدد من خلالها فى ثنايا المجتمع ..
ولكن ما جرى انك بلا اوراق لعب حقيقية ، لان الشارع يهدم و لا يبني ، و الديموقراطية تطلق العنان لمطالب ، و لا تقدم حلول ، كان طبيعيا ً ان يبحث العسكري عن قوة محافظة مضادة للتغير داخل المجتمع من اجل فرملة الهستيريا التى جرت ، ثم اصبح هذا الخيار دوليا ً ، بعد ان رأت واشنطن بدورها ان الاعتماد على المحافظين الدينين سوف يفرمل صعود و صحوة الشعوب ضدها فى الشرق الاوسط ، لان واشنطن مثل اى زعيم لاى نظام دولي تعرف جيدا ً ان صحوة الشعوب تعني تمرد على النظام العالمي فى مرحلة لاحقة ، بل و يكفى القول ان مشاهد ميدان التحرير المصرى تحديدا ً أدت الى اندلاع موجة تظاهرات دولية بدأت مع حركة احتلوا وول ستريت ثم انتشرت حول العالم اجمع لفترة وصلت الى ستة اشهر .
ثم فى مرحلة لاحقة وجدت الدولة العميقة نفسها مضطرة لمسايرة ظروف داخلية و خارجية و آخذ هذه القوة المحافظة كغطاء لها فى المرحلة التى نعيشها الان ، مع العمل فى هدوء من خلف الستار من اجل تغيير المعادلات المحلية و الدولية بالتواصل مع واشنطن من اجل الاسراع بعملية اعادة النظام القديم او على الاقل التخلص من العباءة المحافظة
اذن .. سوف تظل الدولة العميقة موجودة ، و كسرها هو آخر شئ يمكن لاى تغير ان يقوم به ، لانه بحاجة الى ارادة شعبية اولا ً و اخيرا ً ، و هو ما لم يتوفر فى مصر قط، الزعيم التركي رجب طيب اردوجان كان حزقا ً حينما اوجد هذه الارادة الشعبية حينما اكد للشعب التركي انه بديل حقيقي للمؤسسة العسكرية ، و ذلك حينما عمل لمدة سنوات للشعب اقتصاديا ً و معيشيا ً و اجتماعيا ً ، بل و صنع سياسة خارجية تداعب الماضى العثماني فى نفوس الاتراك ، ثم ما لبث ان راح يضرب ضرباته القوية بالاستيلاء على الدستور و اقالة قادة الدولة التركية العميقة جيلا ً خلف جيل ، ثم بدأ سلسلة من محاكمات قادة الانقلابات العسكرية الناجح منها و الفاشل ايضا ً.. بينما ما جرى فى مصر ان السلطة الاخوانية و من قبلهم الجوقة الثورية لم يقدمون للشعب اى شئ ملموس يوضح انهم بديل حقيقي عن الدولة العميقة.
ان الحرية هى فهم الضرورة كما قال هيجل ، و لكن بكل اسف ان الجحش الديموقراطي كما وصفه افلاطون مارس الارهاب الثورى على جميع ، حتى ضد الثوار انفسهم ، و اهدر فرصة ذهبية ، و اصبح هم المصريين و الثوار الحقيقيين اليوم هو العودة التخلص من نتائج الارهاب الثورى ، املأ فى بداية حقيقية تجمع المصريين جميعا ً بعيدا ً عن التصنيفات الارهابية و الافكار الملوثة بالتمويل الخارجي .
لابد للاشارة الى ان المجلس العسكري بدوره صنع جرائم ضد الشعب ، و لكن امكانية الصفقة و التواصل بين النخب و المجلس العسكري لم يتوقف يوما ً ما خلال المرحلة الانتقالية قط ، حتى فى ايام موقعة محمد محمود الكبري كان اللواء مراد موافى يجلس مع محمد البرادعي عارضا ً عليه رئاسة الوزراء ، و بعد انتهاء المعركة و بينما كان ثوار التويتر و الفيس بوك – نشطاء و نخب العار – يتحدثون عن قطع العلاقات نهائيا ً مع المجلس العسكري هرولوا جميعا ً فى لقاء مع رئيس المخابرات الحربية اللواء عبد الفتاح السيسي لمناقشة المرحلة كما اوضح معتز عبد الفتاح فى حديث مطول مع عماد الدين اديب على شاشة CBC يوم تم تعيين السيسي وزيرا ً للدفاع.
.........
.........
ختاما ً الديموقراطية مجرد تحالف بين قوى برجوازية من اجل استمرارهم فى السلطة احدهم فى مقاعد المعارضة و الآخر فى مقاعد الحكومة ، و تطبيق الديموقراطية عقب ثورة هادرة بهذه السرعة و هذا النحو مزاح برجوازي ثقيل الظل كما اوضح ماركس ، فلا داع لاعطاء الجحش الديموقراطي فرصة ثانية لتخريب الباقة المتبقية من ارث 25 يناير ، لانه من الهراء الظن ان ممارسى الارهاب الثورى ( عاصرى اللمون فى اقوال اخري ) قد استوعبوا الدرس ، و لكن المؤكد انهم سوف يكررون ارهابهم الثورى واصطفافهم الغبي مرة اخري
الجحش الديموقراطي فى العرض الديموقراطي المقبل سوف يجعل بلادنا رهينة فى جولة الاعادة بين عبد المنعم ابو الفتوح و حازم صلاح ابو اسماعيل لا اكثر و لا اقل ، بل و ربما يتطور الارهاب الثورى الى ما هو العن من تلك الاسماء ، الفوضى الجارية و الحاصلة اليوم بحاجة الى ستار حديدي يلجم المجتمع ، بعد ان فشلت النخب السياسية فى انتاج نظام سياسي قادر على صناعة جمهورية ديموقراطية او عادلة ، و كانت النتيجة ان البلاد تغرق داخل نفس الهوة السحيقة التى تسقط مصر فى فراغها طوال سنوات حكم مبارك .
بالاحري اننا بحاجة الى سلطة قوية و مركزية تلملم اشلاء المسرحية الخائبة التى لم تعد تنطلى على أحد ، لقد حصلتم على فرصتكم و فشلتم و انتهي الامر ، هذا هو رئيسكم و هذا هو دستوركم و تلك هي حكومتكم ، لديكم الافضل و لكنه غير قادر على العمل بسبب غبائكم و ما اطلقت عليه فى كتاب الجمهورية المظلومة "المادية الانتهازية التجارية" التى اصبحت تتسيد افعال اغلب المصريين .. نحن بحاجة الى لجم الفوضى، ان يتوقف الصياح الاعلامي و التناحر السياسي و الهزل الدستوري و التدهور الاقتصادي و تفشى الفقر و الجهل و المرض ، ان يأتى حاكم او مجموعة سياسية لها طابع الاستمرارية و توكل الملف الوزارى الى مجموعة اقتصادية ماهرة ، مع صمت تام و باسم القانون و المطرقة الحديدة لجميع الاطراف التى فشلت .. بدون هذا السيناريو فأن الأسوأ من محمد مرسي و عشيرته سوف يحدث .